لم يكن خروج وزير العمل عادل فقيه من قاعة مؤتمر التنافسية خلال حديث الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، عنصر التشويق الوحيد بالنسبة إلى الحاضرين، فقد تضمن الحديث نفسه الكثير من المفارقات والمعلومات والنصائح اللافتة، وأبرزها أن الابتكار هو طريق الشعوب لتحقيق التقدم. وخرج وزير العمل، بشكل مفاجئ من القاعة بمجرد أن انتهى محافظ الهيئة العامة للاستثمار عمرو الدباغ من سؤال الضيف الأمريكي عما يمكن أن يفعله لو كان سعوديا لحل مشكلة البطالة، ومع أن الصحفيين قد تابعوا حركة الوزير المغادر وسجلوها باللقطات المعبرة، فإن ذلك لم يشغلهم عن رصد ما قدمه كلينتون في إجابته، التي اعتبرها كثير من الحاضرين خلاصة لتجربة اقتصادية ناجحة كان المتحدث قد خاضها إبان وجوده في البيت الأبيض «19922000». وقال كلينتون: «لو كنت سعوديا لعالجت البطالة من خلال نظام للنماء الاقتصادي المستمر يتمتع بالمرونة في التمويل، وبإيجاد استراتيجيات للتنمية الاقتصادية، بالإضافة للتعليم والتدريب»، مضيفا أمام حضور جلسة «مبادرة 10 / 10» في قاعة الفورسيزون ببرج المملكة بالرياض، أن «التعليم والتدريب يتحقق بالفعل في جامعات المملكة، فتاريخيا استوردت المملكة الكثير من الأيدي العاملة في مختلف القطاعات.. لقد كانت الثروة كبيرة بما يكفي، ما جعل المواطنين يعتقدون في حتمية مشاركة اليد العاملة الأجنبية، لكن الآن عندما نتأمل القيمة التي ستدفعونها نجد أنها ستكون كبيرة، وعلى الكل أن يسهم في صناعة وتجارة البلاد». وكان كلينتون عبر في بداية كلمته عن سعادته بما حققته المملكة، وقال: «من المذهل النظر إلى تلك السجلات المشرفة والمتميزة من الأداء.. لقد تمكنتم من الانتقال من المركز ال 21 إلى المركز ال11 في خمسة أعوام فقط، وأعتقد أن الابتكار له دور كبير في ذلك». وأضاف: «بعد عشرة أعوام سيكون أمامنا الكثير من النتائج الرائعة، وهذا ما نراه في هذا المكان الآن.. إنها نتائج نتطلع إلى رؤيتها في حياتنا ونعيشها»، وتطرق الرئيس الأمريكي الأسبق للتفجير الذي وقع في موسكو أخيرا فقال: «جميعنا يشعر بالكثير من التضامن والدعم مع الرئيس الروسي بعد ذلك التفجير.. نعلم أن روسيا فيها الكثير من النشاطات الاقتصادية والاستثمارية، ما جعل المطار علامة فارقة وهدفا لمثل هذه الأحداث». مضيفا: «يجب أن نقف سويا لتوظيف التقنية في الاتجاه الصحيح لتعطي الثمار الصحيحة، وأولئك الذين يرون أن شخصياتهم تستوجب الهجوم على الآخرين لتحقيق رغباتهم يجب أن نواجههم جميعا». ورأى كلينتون أن مثل هذه التفجيرات أظهرت أن أحد الابتكارات في مجال الإرهاب الدولي في روسيا يتمثل في توظيف النساء للتفجير. وقال: «حين كنت مع عمرو الدباغ في جدة منذ «ستة أعوام» طلبت منه القيام بدور أكبر للنساء بالمملكة في الشأن العام.. لم يكن هذا بالطبع هو الدور الذي كنت أفكر فيه». مضيفا: «من المهم إدراك أهمية برنامج 10/10 وحركة التطوير الذي تشهده المملكة في هذا الجانب ودور الابتكار في هذه الحركة ». وتطرق كلينتون إلى التغيرات المناخية وأثرها على الإنتاج الغذائي العالمي، وقال إن المملكة من بين البلدان التي تحاول أن تجعل الزراعة أمرا تجاريا في البلدان النامية، من خلال شراء أراض لتأمين الغذاء بالمملكة ... وهذا جزء من الاعتماد المتبادل. وعن الأزمات الاقتصادية التي تواجهها دول العالم وكيفية الخروج منها، قال كلينتون: «انظروا لأمريكا خلال الأعوام العشرة الماضية.... بعد مغادرتي البيت الأبيض بأربعة أعوام لوحظ أن 90 % من الإنتاج القومي يذهب للشركات الكبرى، نظرا إلى أنه لم يكن هناك ابتكار، وكان النمو فقط في مجال الإسكان والإنفاق الاستهلاكي والإنترنت، ولو تم توجيه المال إلى الاقتصاد العام لكنا أكثر تنافسية ومبتكرين». ورأى كلينتون أنه «عندما نفكر في الابتكار فلابد أن تكون لدينا أشياء أساسية منها تحديد الهدف والتعامل مع التحديات القائمة»، مطالبا بأن «تعطي الشعوب مكانة رئيسة للابتكار». وذكر الرئيس الأمريكي الأسبق أن مجرد خفض تكلفة ومدة إنشاء الأعمال بالمملكة يعد نوعا من الابتكار. وقال كلينتون: «الجانب الخطير هو نمو مرض السكر في المملكة بنسبة 25 %، ويجب على المملكة أن تبذل جهودا لتخفيف تلك النسبة؛ حيث إن ذلك سيؤثر على نمو المنطقة مستقبلا». مضيفا: «هناك حاجة لإنفاق المزيد للعناية بهذا الجانب، ويجب أن ندرس أسباب زيادة السكر، والقيام بما يجب لإصلاح ذلك الوضع لتفادي الآثار السلبية المستقبلية»