لطالما انتقدت الشعوب العربية نفسها بشأن اعتمادها على الشعوب الأخرى في استيراد كل شيء من مأكل وملبس وتكنولوجيا وعلوم وفنون وغير ذلك الكثير! ومع وجود أكثر من 600 قناة عربية إلا أن الإعلام قد أضاف نفسه لقائمة المستوردين أيضا! ويتمثل ذلك في ظاهرة الإعلام الأجنبي التي اقتحمت القنوات العربية أخيرا من خلال «الدبلجة» التي عززت استخدامها وبشكل ملحوظ قنوات الإم بي سي. فبعد نجاح دبلجة المسلسلات التركية دبلجت القناة الأفلام الأمريكية إلى العربية والهندية إلى الخليجية! ولا أعلم حقيقة إلى أين اتجه ذوق أصحاب هذه القرارات وذوق الجمهور المتابع لهذه الدبلجات الفكاهية! فكيف لمن شاهد عملا مدبلجا كفيلم «عمر المختار» للراحل مصطفى العقاد أن يشاهد عملا هنديا يتحدث الخليجية! أين تكمن المصداقية في أعمال كهذه يغيب عن محتواها أي تقارب للمفاهيم أو الثقافات أو العادات أو القضايا المطروحة، ومع ذلك يتحدث الممثلون اللهجة الخليجية بطلاقة! ولكي تقترب الصورة للمشاهد يستبدل المدبلجون الأغاني والموسيقى التصويرية بأخرى عربية! يقول المحللون في انتقاد أسلوب الدبلجة إن موهبة الممثل تكمن في المؤثرات الصوتية الحقيقية التي يطلقها، فاستبدالها يضيع المصداقية عند المشاهد ويفقد العمل نكهته باختلاف التزامن بين الدبلجة وحركات الممثل ولو كانت جزءا من الثانية مما يكسب العمل تصنعا وجمودا!. ومن الأساليب الأخرى التي سلكتها القناة في استيراد الإعلام الأجنبي هو - إن صح التعبير - تعريب بعض البرامج الأجنبية واستنساخها! فبعد مشاهدة النسخ الأصلية من هذه البرامج، يتطلب من المشاهد العربي أن يشعر كذلك بنجاح النسخ العربية التي يسعى القائمون عليها إلى تقليد النسخ الأصلية ومحاكاتها! لم تسلك القناة هذا الطريق المريح في تجديد إعلامها؟ هل فشل العالم العربي في إنجاب أعمال ناجحة من أصل عربي؟ إن الإعلام العربي لا يعاني الكثير من المشاكل الإنتاجية، وإنما يضطر إلى استيراد محتوى أجنبي «مسبق النجاح» يروج لقيم غربية بدلا من تجربة صناعة وطنية قد تحمل معها خطر الفشل!