ارتفعت معدلات الانتحار في العالم الإسلامي خلال الأعوام الأخيرة، وهي ظاهرة بدأت في التصاعد تدريجيا مع تقدم الحياة المدنية والاكتظاظ السكاني وضعف الروابط الاجتماعية والتشتت الأسري. ومع أن الإسلام يحرم قتل النفس بصورة حاسمة وبنص قرآني محكم، إلا أن بعض المسلمين والمسلمات اختاروا أن ينهوا حياتهم بأيديهم لأسباب مختلفة قد يكون من بينها الضغط النفسي وتكالب صروف الحياة ومصائبها. جريمة بحق الجميع لا يتردد الداعية المعروف الشيخ محمد المنجد في اعتبار الانتحار جريمة كبرى بحق النفس والأسرة والمجتمع، بغض النظر عن الدوافع والمسببات «فمن يقتل نفسه نتيجة انفعال وغضب أو فرارا من مصيبة أو ضائقة أو فقر، فهو يعرض نفسه لعقاب الله سبحانه، حسبما ورد في الكتاب والسنة، فالله توعد المنتحر في القرآن الكريم بأن يصليه نارا، وثبت في الصحيحين أن قاتل نفسه يعاقب بمثل جرمه، فمن قتل نفسه بحديدة فسيجأ بها بطنه في نار جهنم، ومن قتل نفسه بسم فهو يتحساه، وهكذا كما جاء في الحديث الشريف». ويفرق الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام، بين من ارتكب هذا الفعل الشنيع وهو موقن بحرمته وبين من أقدم على ذلك وهو مقتنع بأن الانتحار حلال ولا حرمة فيه «فإن كان المنتحر استحل فعلته ورأى أن قتل نفسه مباح فهذا كفر، وإن كان لم يستحله ففعله من الكبائر التي لا تخرج من الملة رغم العقاب الشديد الذي توعد الله سبحانه به المنتحرين». التكليف.. أساس الحساب لكن هذه العقوبة الغليظة لا تحيق إلا بالمكلفين العاقلين، كما يرى الراجحي «فمن كان عقله معه فهو مكلف، وهذا يؤاخذ ويحاسب على فعله في الدنيا والآخرة، ومن كان غير مكلف فهو مستثنى من العقوبة ولا يندرج في هذه الفئة». والراجحي ينصح أهل المجنون بمراقبته والحرص على استبقائه تحت أنظارهم حتى لا يغافلهم فيقتل نفسه «فالواجب على وليّه ألا يترك في يده شيئا حادا أو غير ذلك مما قد ينهي حياته به». الصبر.. هو الحل واعتبر المنجد أن الامتناع عن الطعام إلى درجة الموت نوع من الانتحار، فهو قتل متعمد للنفس، واستنكر أن يقدم مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر على هذا الفعل «فهو ينتقل من عذاب في الدنيا إلى عذاب أشد وأنكى وأطول في الآخرة، وهذا لا يفعله عاقل مهما تكن أسبابه، فلا شيء في الدنيا يستحق ذلك». ويرى المنجد أن الصبر هو المخرج من مصائب الدنيا ونوائبها «فمن أصابته مصيبة أو هم أو غم فليتق الله وليصبر، فقد وعد سبحانه عباده الصابرين بالأجر العظيم في الآخرة، ووعد المحتسبين بالفرج والمتقين بسعة الرزق وتفريج الكرب، وينبغي على المسلم أن يلجأ إلى الله إذا دهمته مصيبة، وأن يلح في الدعاء ويكثر من ذكر الله، وسيجد ما يرضيه بحول الله وقوته».