بعد أن سطر نجوم كرة القدم السعودية إبداعاتهم في الملاعب ونقشوا أسماءهم بحروف من نور في ذاكرة الرياضة وقلوب محبيهم من الجماهير العريضة، وكان الفضل بعد الله في بروزهم تألقهم اللافت في المحافل الرياضية الكبرى والبطولات التنافسية مثل: كأس الخليج وبطولة آسيا، ومن أهم هؤلاء النجوم ماجد عبد الله ومحيسن الجمعان وصالح النعيمة ويوسف الثنيان وأحمد جميل ومحمد عبدالجواد وفؤاد أنور وغيرهم الكثير من اللاعبين الذين شقوا طريقهم عبر تلك البطولات وحافظوا على تألقهم حتى غادروا المستطيل الأخضر، وأصبحت الأسماء اللامعة نادرة الوجود رغم ظهور أسماء عدة من بعدهم، وعبر تلك البطولات قدمت مستويات مميزة مثل: صالح المحمدي وما قدمه من مستويات في بطولة الخليج، ومالك معاذ وحكاية الفن الكروي الذي قدمه في بطولة آسيا، والمرشدي نجم نادي الهلال.. غير أنهم سرعان ما يختفون. خلال هذا التحقيق تفتح «شمس» ملف أحوال هؤلاء النجوم، وتكشف الأسباب التي جعلتهم ينتهون بتلك السرعة، وتوضح سر علاقة الإعلام بهذا الأمر، وتبين الحلول المتاحة للقضاء على هذه الظاهرة، وتعرض للمزايا التي كان يمتلكها نجوم الماضي وجعلتهم يحافظون على مستوياتهم حتى مغادرتهم الملاعب، وتتوقع إمكانية بزوغ نجم جديد في البطولة الآسيوية المقبلة ينتمي لكتيبة «نجوم الماضي».. الأمير ممدوح: المقارنة «مضحكة»! البداية كانت مع رئيس نادي النصر السابق وعضو الشرف الحالي الأمير ممدوح بن عبد الرحمن الذي أكد أن الحديث عن الرموز يحتاج الوقوف عنده كثيرا؛ فالوصول إلى القمة في قلوب الجماهير يتم من خلال طريقتين لا ثالث لهما، أولا أن يفعل الشخص أي شيء كان حتى لو كان على حساب سمعته من أجل الشهرة، والطريقة الثانية أن يعمل بشكل متواصل ويجتهد ويقدم التضحيات الكثيرة حتى يكسب حب الآخرين، وهنا يظهر الشخص الذي يستحق لقب الرمز، وبين من يحاول أن يصنع منه الآخرون رمزا. وتابع: مثال لذلك الوالد المغفور له بإذن الله الأمير عبد الرحمن بن سعود الذي ضحى بوقته وجهده وماله من أجل ناديه، فحقق المراد وأصبحت الشهرة هي من تبحث عنه حتى بعد وفاته، وهذا ما جعل منه رمزا لن يتكرر على مستوى إدارات الأندية مع احترامي للجميع، وعندما تتحدث عن الرمز فيجب ألا ننسى رمز آسيا وهدافها الأول الأسطورة ماجد عبد الله، الذي كسب محبة الجميع بأخلاقه وبره بوالديه رحمهما الله، وبالتأكيد تفانيه وإخلاصه الكامل لناديه ولمنتخب وطنه. ووصف الأمير ممدوح المقارنة بين نجوم الماضي والحاضر بال«مضحكة»، وقال: عندما تنجب البرازيل بيليه آخر والأرجنتين مارادونا آخر وقتها ربما تنجب الكرة السعودية شبيه ماجد، وهذا ما يظهر جليا في تشكيلة المنتخب على مر الفترات الماضية بعد اعتزال ماجد، حيث لم يظهر لاعب كنا نتوقع انضمامه للمنتخب أو المشاركة أساسيا أو مقدرته على تحقيق نتيجة إيجابية مثل ماجد مع احترامي الشديد للجميع، وهذا بالطبع ينسحب على عدد من النجوم السابقين مثل يوسف خميس ومحيسن الجمعان وغيرهم، وأتمنى من اللاعبين الحاليين أن يقتدوا بهؤلاء ويبتعدوا عن الغرور والكبرياء؛ فأغلب من غاب من هؤلاء اللاعبين كان نتيجة كبريائهم وابتعادهم عن طريق الصواب. الماضي وفشل الشباب! أشار الإعلامي مصطفي الأغا مقدم برنامج «صدى الملاعب» إلى أن اسم المنتخب السعودي ارتبط بأسماء العديد من النجوم وعلى رأسهم ماجد عبدالله الذي من الصعب أن يتكرر، وأيضا صالح النعيمة ويوسف خميس, وشدد على أن المقارنة هي السبب في ضياع النجوم وقتل العديد من المواهب التي كان ينتظرها مستقبل مشرق. وأضاف الأغا: عندما ينتقل لاعب فجأة ودون مقدمات من لا شيء إلى القمة ومن مرحلة الفقر المادي إلى مرحلة الثراء والشهرة، بالتأكيد سيتأثر اللاعب، وكثيرا ما تسببت تلك الأمور في فشل الكثير من اللاعبين الشباب، وأعتقد بأن البيئة المحيطة باللاعب لها دور كبير في نجاحه أو فشله، بالإضافة إلى عقلانية اللاعب، فمتى ما فكر اللاعب في تقديم المستوى المشرف ومواصلة العطاء وتناسى كل ما يخص المقارنة مع نجوم الماضي وقتها سينجح. القدوة بداية التفوق من جهته قال عميد المدربين الوطنيين خليل الزياني: رغم أن العجلة تسير إلى الأمام والتطور مستمر إلا أن الماضي يظل له حلاوته وطعمه المميز من خلال نجوم كرة القدم الكبار، وللعلم البرازيل والأرجنتين لم يقدما إلى الآن لاعبين من ماركة بيليه ومارادونا، فكيف تريد منا أن ننجب لاعبين أمثال ماجد عبد الله وصالح خليفة والنعيمة ومحيسن والكثير من النجوم، وأعتقد بأن ذلك في غاية الصعوبة، ولكن متى ما سعى اللاعب لتنمية قدراته وتفرغ بالكامل لهدفه المنشود وحاول الاقتداء بالنجوم السابقين في أخلاقهم وتضحياتهم، وابتعد عن الغرور واستغل شهرته وثروته فيما ينفعه، وتناسى موضوع المقارنة مع نجوم الماضي جملة وتفصيلا، وقتها يستطيع أن يضع له بصمة تذكر على مر السنين، وأتمنى أن تكون دوحة آسيا فأل خير على «الأخضر»، وأن تظهر نجما جديدا ينسينا العيش على أطلال الماضي. انقراض النجوم حمل حارس المنتخب البحريني السابق حمود سلطان الإعلام مسؤولية انقراض النجوم الحاليين من خلال مدحهم وتسليط الأضواء عليهم أكثر من اللازم، مؤكدا بأنه يحترم الجميع ولكن يجب أن يكون اللاعب يستحق ذلك مثل الأسطورة ماجد عبد الله ومنصور مفتاح وجاسم يعقوب، موجها نصيحة لنجوم الجيل الحالي بأن ينسوا أمر المقارنة بالنجوم السابقين، وأن يحافظوا على مستواهم ويحمدوا الله على الأموال التي يمتلكونها ويصرفوها في أشياء مفيدة، وأن يحترموا تعليمات المدرب وأن يكون ضميرهم المراقب الأول لسلوكياتهم، وقال: أتمنى من جميع اللاعبين الذين سيشاركون في البطولة الآسيوية المقبلة بأن يجعلوا النجوم السابقين نصب أعينهم، ويفكروا مليا في الوصول إلى مستوياتهم ومن بعد تجاوزها، وأطالبهم بالابتعاد عن الإعلام. الصحافة والمعلقون اتهم المعلق الرياضي إبراهيم الجابر بعض الجهات بالوقوف وراء ما يحدث من خسائر فادحة في مؤشر النجوم حيث قال: هناك عدد من النجوم سيظلون في ذاكرة الكرة السعودية ومنهم الأسطورة ماجد عبد الله والفيلسوف يوسف الثنيان صالح النعيمة والكثير من عمالقة الثمانينات، ولكن المعلقين الحاليين من الشباب يتحملون جزأ كبيرا من المسؤولية في فقدان العديد من النجوم من خلال المقارنة بينهم وبين النجوم السابقين، فالمعلق يبحث عن كسب ود جماهير اللاعب الفلاني حتى يزيد من أسهمه على حد فهمه، وللأسف لا يوجد لدينا جهة معينة تشرف على المعلقين وكذلك توجههم وتقيمهم وتحاسبهم حتى تصنع منهم معلقين متميزين، وكذلك الصحافة فيوما وراء يوم تبين بأنها صحافة لاعبين وفاقدة للمصداقية. قفص الاتهام شدد الكاتب الرياضي عادل الملحم على أن الإعلام الهلالي يتحمل مغبة ما يحدث في الساحة من فقدان للنجوم من خلال عملية المقارنة المزيفة، موضحا بأن نجوما من أمثال ماجد عبد الله ويعقوب جاسم ومنصور مفتاح لن يتكرروا مهما كانت المحاولات، وتابع: للأسف هناك إعلاميون متعصبون وبالأخص الإعلام الهلالي الذي دأب طيلة السنوات الماضية ولا يزال يبحث عن لاعب يقارنه بماجد، فمن بعد هذال الدوسري وسعود حماد وجمال محمد مرورا بسامي الجابر جميعها محاولات باءت بالفشل، والدليل أن بعض هؤلاء اللاعبين اختفوا بعد اعتزالهم والبعض الآخر يبحث عن المناصب وصنع المشاكل خوفا من فقدان الشهرة، وللعلم لست متحاملا على الهلال بدليل أنني أرى أن يوسف الثنيان أسطورة من الصعب جدا تكرارها وكذلك أبناء الدعيع. رؤساء الأندية يتحملون المسؤولية اعترف رئيس نادي القادسية عبد الله الهزاع بأنه ورؤساء الأندية يتحملون جزءا من المسؤولية في فقدان العديد من اللاعبين لبريقهم، وأوضح بأنه ضد مقارنة النجوم السابقين الذين من الصعب تكرارهم من أمثال ماجد عبد الله وسعود جاسم مع اللاعبين الحاليين. وأضاف: من المفترض علينا كرؤساء أندية التخفيف قدر المستطاع من الضغط النفسي والعصبي الموجه للاعبين وكذلك الجلوس معهم وتوعيتهم بمخاطر المقارنة وتذكيرهم بأن النجوم القدامى يجب النظر إليهم كمثل عليا، وليس البحث على أن يكونوا أفضل منهم مع الاقتداء بأخلاقهم. شروط النجومية قال نجم الكرة السعودية ونادي الاتفاق السابق صالح خليفة: النجوم السابقين كانوا يلعبون الكرة كهواية وتضحية للشعار الذي يلبسه وللجماهير الوفية التي تحبه، بينما اللاعبون الحاليون يلعبون لأجل المادة فقط، واضعين خلفهم ما يسمى بحب النادي، وما شابه ذلك، وأعتقد بأن الوصول لمستوى النجوم السابقين صعب جدا، ولكن عندما يخلص اللاعب ويضع هدفا مستقبليا أمام عينيه ويحافظ على التدريبات الصباحية والمسائية سوف يضع له بصمة. ماجد ليس النجم الأوحد أكد عضو الشرف الأهلاوي الدكتور عبد الرزاق أبو داوود أن النجوم السابقين على مختلف الألعاب يتميزون بالوفاء والصدق والتآخي وحب النادي والتضحية من أجله دون مقابل، وأوضح أن الإعلام أثر على اللاعبين الحاليين كثيرا، وتسبب في بعض الأحيان في صنع الحقد والكراهية بين بعض اللاعبين، وهذا ما نشاهده في بعض الصحف والمنتديات التي تدس السموم للبعض وتبحث عن تشويه سمعة البعض بأي وسيلة. وشدد أبو داوود على أنه ضد فكرة النجم الأوحد فهذا كلام غير منطقي وتعصب ، فعلى سبيل المثال بالفعل كان ماجد أسطورة ولكنه ليس الوحيد فخلال عهده كان هناك نجوم آخرون على مختلف الخطوط وكذلك العصر الحالي له نجومه القادرة على تقديم المستويات المشرفة التي قدمها ماجد ورفاقه السابقون .