في لحظة غضب من موجة البرد والثلوج قرر سائق حافلة في الولاياتالمتحدة الانعطاف ودهس «رجل الثلج»، رجل الثلج عند الغربيين رمز للفرح بأعياد الميلاد، وهو ليس رجلا حقيقيا، لكن الحادثة سجلت وبثت على مواقع الإنترنت، أما سائق الحافلة فقد استقال لاحقا من عمله نتيجة لشعوره بالذنب. المسألة هنا ليست التندر بالحادثة أو الإشادة بالغربيين بقدر ما هي التفكير في المسؤولية الأخلاقية النابعة من الداخل عند الأشخاص، فهذا السائق الذي ترك عمله في أسوأ فترات الاقتصاد الأمريكي قد لا يجد عملا بديلا في الفترة القريبة، لكنه مع ذلك استشعر جسامة الخطأ الذي وقع فيه بحق كومة من الثلج لها رمزيتها في الثقافة الغربية. جريمته لا عقاب عليها ومع ذلك تمتع بالشجاعة للتخلي عن وظيفته، هذا والحديث عن شخص من المفترض أن تكوينه التعليمي والثقافي ليس عاليا ومع ذلك اختار قرارا ينم عن مسؤولية، قرارا نابعا عن وعي بالدور الفردي الذي ينبغي أن ينفذه في المجتمع ولصالحه، فهذا السائق أدرك أنه لم يعد مناسبا لهذا الدور بعد فعلته التي أقدم عليها. سائق الحافلة الأمريكي مثال نادر في مجتمعنا، فهناك مسؤولون وموظفون أعلى منه تعليما وكثير منهم تعلموا في الخارج، وفي أرقى الجامعات الغربية، وعاشوا هناك فترات من حياتهم، لكن مع ذلك لم يحمل أحد منهم وهو عائد لشغل منصب عام في البلاد شيئا من ثقافة تلك المجتمعات في أن يتنحى إذا قصر، فهناك يتنحى المسؤول في حال قصر أحد موظفيه لوجود إحساس بأن ذلك يقع ضمن مسؤوليته، فيما الوضع لدينا مختلف، فالمقصر المواطن أو المستهلك أو المراجع أو كل من يقع عليه ضرر، والمفارقة أن لا رجال ثلج بل ناس حقيقيون من لحم ودم، ومع ذلك لم نسمع عن استقالة دافعها المسؤولية تجاه المجتمع.