أعلن الاتحاد الأوروبي أنه اتخذ خطوة كبيرة في مجال مكافحة الرقيق الأبيض والاتجار بالبشر، وقال بيان للمجلس الوزاري الأوروبي في بروكسل أخيرا إن لجنة الممثلين الدائمين لمجلس الاتحاد المكونة من سفراء الدول الأعضاء مهدت الطريق واسعة لبلورة قواعد الحد الأدنى المتعلقة بتعريف الجرائم الجنائية والعقوبات في مجال الاتجار بالبشر. ويقول الاتحاد الأوروبي إنه كان يفتقر لتشريعات محددة على مستوى الاتحاد قبل نفاذ معاهدة لشبونة، وخاصة في القانون الجنائي وأنه سيتم التشاور مستقبلا بين المفوضية والمجلس والبرلمان الأوروبي لوضع الخطوات الإجرائية النهائية. وجاءت الموافقة على النص الجديد لمكافحة الاتجار بالبشر داخل الفضاء القضائي والأمني الأوروبي على مستوى الدول الأعضاء بعد تفاوض مسبق مع البرلمان الأوروبي الذي يتوقع أن يؤكد موافقته على النص دون تغيير في دورته العامة في ديسمبر الجاري. ولا تزال تجارة الرقيق الأبيض تستحوذ على اهتمام المنظمات الدولية غير الحكومية والتابعة للأمم المتحدة، ولم تفلح الأجهزة الأمنية والرقابية في مكافحتها، في حين نجد أن عصابات المافيا والجريمة المنظمة تمكنت من ابتكار وسائل جديدة للإفلات من قبضة الرقابة وعناصر الشرطة، وتقدر الأممالمتحدة أن هناك 1.2 مليون طفل يجرى تهريبهم عبر العالم كل عام، وأن هناك نحو 246 مليون طفل في العالم مرتبطين بعمالة الأطفال، وخصت الأممالمتحدة من خلال منظمة الطفولة «اليونيسيف» دول جنوب شرق أوروبا واتهمتها بالفشل في جهود مكافحة تجارة دعارة القصر، وقالت إن ما بين 6 14 ألف طفل ينقلون عبر الحدود سنويا، جزء كبير منهم من أجل ممارسة الدعارة. وتشير الأرقام إلى أن هناك نحو نصف مليون امرأة يعملن في سوق الدعارة بأوروبا، أغلبهن من دول البلطيق والبلقان ابتداء من روسيا، مرورا بأوكرانيا وروسياالبيضاء وأرمينيا وبولندا وتشيكيا وسلوفاكيا، وانتهاء برومانيا وبلغاريا وكرواتيا ومقدونيا وصربيا والبوسنة وألبانيا. وتقول إحصاءات صادرة عن وزارة الداخلية الأوكرانية إن نحو 400 ألف امرأة وفتاة دون سن الثلاثين غادرن أوكرانيا خلال الأعوام العشرة الماضية عن طريق عصابات المافيا، بزعم توفير فرص عمل لهن، وقد طالبت الشرطة الأوروبية « يوروبول » بملاحقة أصحاب الإعلانات في الصحف، والتأكد من صحة ما ينشرونه حول فرص العمل في أوروبا الغربية وجميعها كاذبة تهدف للإيقاع بالفتيات. وتعتمد شبكات الرقيق الأبيض في جلب الأطفال على مصادر عدة، منها سرقة الأطفال حديثي الولادة من المستشفيات والادعاء بأنهم ماتوا، وحجز الأطفال قبل ولادتهم من غير المرغوب فيهم خاصة الأطفال غير الشرعيين، وإيواء المراهقات والعاملات في سوق الدعارة الحوامل، ومؤجرات الأرحام اللواتي يتم وضعهن في أماكن سرية، وتنتهي مهمتهن بعد الوضع فيباع الأطفال أو يستخدمون في تجارة الأعضاء البشرية، بل وصل الأمر إلى حد تهريب المخدرات في بطون الأطفال بعد قتلهم وحشو بطونهم بالهيروين والكوكايين وغيرها من الآفات السامة. إضافة إلى شراء الأطفال من ذويهم كما يحدث في ألبانيا حتى الآن، حيث يباع الأطفال في سن مبكرة بسعر يتراوح بين 6 و15 ألف يورو، ولا سيما إلى الإيطاليين والفرنسيين والألمان. ويشير تقرير أعده المجلس الأوروبي إلى أن أرباح عصابات الجريمة المنظمة ارتفعت خلال الأعوام الأخيرة إلى نسبة 400 %، في سوق يبلغ عدد ضحاياها والمتعاطيات معها نحو نصف مليون امرأة، 25 % منهن من منطقة البلقان وحدها، وتحصد شبكات الجريمة المنظمة من هذه التجارة أكثر من 13 مليار يورو سنويا .