أعلنت حكومة جامبيا قرارها المفاجئ أخيرا بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وربطت ذلك بجدل حول شحنة أسلحة إيرانية غامضة إلى عاصمتها «بانجول»، مؤكدة أنها اتخذت قرارها بغية «تبرئة نفسها» من هذه القضية، وغادر طاقم السفارة الإيرانية عائدا إلى طهران. وكانت نيجيريا قد كشفت أمام مجلس الأمن الدولي أنها اعترضت سفينة أسلحة قادمة من إيران. وقالت طهران إن الشحنة المذكورة تملكها شركة خاصة، واعتبر رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي القرار الجامبي بقطع العلاقات مع إيران نتيجة ضغوط أمريكية، وقال إن تعزيز العلاقات بين إيران والدول الإفريقية أثار حفيظة الولاياتالمتحدة وحلفائها، وأضاف بروجردي أن العلاقات مع جامبيا ليست على مستوى متقدم وليس لدى إيران سفارة هناك، وأن السفير الإيراني لدى السنغال كان يتولى مسؤولية المكتب الذي يرعى الشؤون الإيرانية في جامبيا. وكانت المغرب قد أعلنت العام الماضي قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران أيضا، احتجاجا على تصريحات إيرانية اعتبرتها الرباط غير مقبولة إثر تضامنها مع البحرين في أزمة سياسية نشبت مع إيران، إضافة إلى التورط الإيراني في دعم التشيع بالمغرب. وتشهد العلاقات بين الدول تجاذبات وتوترات ونزاعات تفضي بها للوصول إلى أقصى إجراء دبلوماسي احتجاجي، وهو قطع العلاقات الدبلوماسية، والمسرح الدولي المعاصر زاخر بالعديد من الأمثلة الحديثة على ذلك، فالكيان الصهيوني كان قد تعرض لأزمة دبلوماسية العام الماضي، إثر قيام أربع دول بقطع علاقاتها معه، حين أعلنت موريتانيا إغلاق السفارة الصهيونية في نواكشوط وطرد دبلوماسييها، تنفيذا لقرار تجميد العلاقات الذي اتخذته موريتانيا أثناء انعقاد مؤتمر الدوحة الذي دعت إليه قطر إبان العدوان الصهيوني على قطاع غزة، ثم أعلنت وزيرة الخارجية الموريتانية الناها ولد مكناس في مارس الماضي أن بلادها قطعت نهائيا علاقاتها مع إسرائيل، وأكد ائتلاف أحزاب الأغلبية الحاكم في موريتانيا أن موضوع العلاقات مع الدولة العبرية لم يعد مطروحا على الإطلاق. كما أعلنت دولة نيكاراجوا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني ردا على الهجوم الدامي على قافلة أسطول الحرية في يونيو الماضي، ذلك الهجوم الذي كان سببا أيضا في إعلان دولتين أخريين في أمريكا اللاتينية قطع العلاقات الدبلوماسية مع تل أبييب، هما «نيكاراجوا» و«فنزويلا» تضامنا مع الشعب الفلسطيني، كما هددت تركيا على لسان رئيسها عبدالله جول بأنه إذا لم تتخذ إسرائيل أي خطوات لرأب الصدع واتخاذ إجراءات إزاء الجريمة التي ارتكبتها بمهاجمة قافلة الحرية إلى غزة، فإن الأمر يمكن أن يصل بتركيا إلى اتخاذ قرار بقطع العلاقات الدبلوماسية». وآلية قطع العلاقات الدبلوماسية تعتبر عملا «غير ودي»، وليست مرتبطة بقاعدة خاصة، والسبب في ذلك يعود إلى أن الدولة تتمتع بكامل الحرية عند اتخاذها مثل هذا القرار «الخطير جدا»، وعادة فإن اتخاذ مثل هذا القرار لا يتم إلا إذا رأت هذه الدولة أن «مصالحها قد تضررت»، وأن هناك داعيا لقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأخرى. وقد أصبحت في الوقت الحاضر من الحالات المتكررة، بل المعتادة، وهو يعني أن الدولة لا ترغب في متابعة صلاتها مع دولة أخرى حتى إشعار آخر، كما قد يكون أحيانا بقصد المجاملة أو التضامن خدمة لدولة حليفة أو صديقة، وقد ذكره ميثاق الأممالمتحدة في عداد العقوبات التي قد تلجأ إليها المنظمة الدولية وتدعو الدول المنضوية تحتها إلى اتخاذه إزاء دولة ما لاعتدائها على دولة أخرى أو خرقها الخطير للقانون الدولي.