بعد عام من الكارثة تتجه الأنظار نحو ما قدمته أمانة جدة؛ كونها معنية بالجزء الأكبر من ملف ما بعد الكارثة، خصوصا فيما يخص مشاريع البنية التحتية وعلاج مكامن الخلل التي أفرزتها تلك الكارثة، وقد وجهت الاتهامات إلى مسؤولين فيها على ضوء ذلك. وعلى ضوء تصريحات متناقضة عما أفرزه الواقع من تقصير واضح من خلال رسم ملامح واضحة للمكان في الأحياء المنكوبة وبزمان طويل كان كفيلا بسد ثغرات الألم في قلوب الأهالي وفجوات حزن خلفتها الكارثة كان تطوير البنية التحتية سيحل جزءا من تداعياتها. المتتبع لسير العمل خلال عام يلمس ما أولاه أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل الذي وجه نداء إلى الجهات المسؤولة بأن الكرة أصبحت في ملعب الأمانة وشركة جدة، مؤكدا أن دوره سيكون في المتابعة والإشراف، وسيقوم بذلك بكل مسؤولية واهتمام، وأنه سيطلب من محافظ جدة أن يرفع له تقريرا شهريا عن سير العمل بهذا المشروع الحيوي لمجتمع جدة. وأشار أمير منطقة مكة إلى أنه سيطالب بأن يكون هذا المشروع مثاليا، فليس لنا عذر بعد اليوم في قبول مشروع منقوص، وليس هناك عذر لأي إهمال، سنراقب الشركات المنفذة، والأمانة، وشركة جدة للتقيد بالتنفيذ الأمثل والأجدى الذي يتصف بالنوايا الحسنة والإخلاص والمثابرة للوطن والمواطن لهذه المشاريع. إدانة الأمانة سكان الأحياء المنكوبة وجهوا أصابع الاتهام والإدانة إلى الأمانة فيما يخص متابعة تنفيذ مشاريع خدمية في الأحياء المنكوبة ومساعدة الأهالي في التمتع بحقوق وخدمات مؤقتة ريثما يتم الانتهاء من مشروع شرق جدة، مؤكدين أنه مشروع عملاق، ولكنه يحتاج إلى وقت طويل لإنجازه وهم يعيشون وسط ترد واضح في الخدمات والبنى التحتية، ويخشون تفاقم الأوضاع الخدمية بشكل يؤثر سلبا على حياتهم من خلال السير في شوارع ترابية وأخرى تحتضن بؤرا للمرض من خلال مستنقعات وبرك مياه راكدة، في وقت أكدوا فيه أن هنالك مخاوف كبيرة من اختلاط مياه الصرف الصحي مع مياه الشرب. يؤكد وافي الزهراني، من سكان حي قويزة أن «هنالك مخاوف من اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي وسط غياب واضح للأمانة التي لم يحضر مندوبوها إلا في بداية الكارثة عندما وقعت، وبعد أيام لم نشاهد أحدا، فالوضع في الأحياء المنكوبة أصبح سيئا للغاية ولو تم اتخاذ إجراءات عاجلة وتدابير سريعة لما تحول الحي إلى منظر بائس يعيد ذكرى الألم والحزن لمن نسوا الكارثة بمجرد خروجهم إلى أي شارع، حتى أن العديد من ملامح النسيان واضحة في جنبات الأحياء، إضافة إلى أن كل الأهالي باتوا يشتكون من تردي الأوضاع في الشوارع والميادين وتخوفهم من المرض والطفح الكبير لمياه الصرف الصحي». ويوضح محمد أحمد، عامل في إحدى الورش، أن الحزن سيتجدد اليوم في ظل تأخر المشاريع وعدم جدوى بعضها، في حين أن هنالك سيارات غمرتها المياه ولا نعلم عنها أي شيء «هنالك من قدم لإصلاح سيارته في يوم السيول وجرفتها المياه ولا نزال نملك مفاتيحها حتى الآن، والأحياء بحاجة إلى إعادة النظر في العديد من مشاريعها». إجراءات الوقت الضائع أثناء جولة ميدانية ل«شمس» قبيل يوم الذكرى الأولى، وقبل أربعة أيام تحديدا، بدأت تنتشر في الحي معدات التزفيت التي وقفت تزفلت قرب إحدى العبارات قبالة شارع جاك، الشارع الأكبر في احتضان الكارثة، وأكد عدد من عمال المجمع المجاور أن العمل بدأ متأخرا جدا في حين أن الحي لا تزال فيه العديد من مكامن الخلل. وكانت أمانة جدة قد اتخذت العديد من التدابير التي وصفت بأنها احتياطية لتبرئة موقفها من أي خطر محتمل، حيث قامت قبل فترة وجيزة بتوجيه طلبات إخلاء لمنازل ومدارس وسط معارضة وعدم تنسيق مع الدفاع المدني والتعليم، وأكد عبدالعزيز المطيري أنه تفاجأ بوجود لافتات إخلاء وتم وضعها ولكن الموضوع ظل كما هو عليه، فالسكان موجودون والمدارس تعمل يوميا وكأن الأمانة تبرئ ساحتها من أي كوارث أو مشكلات قد تحدث للسكان جراء وقوع أي سيل مفاجئ. مواقع إسناد وعلى صعيد رسمي، طلبت أمانة جدة وخلال اجتماع رسمي لها إلزام كل إدارة بتحديد أسماء المسؤولين على مدار اليوم وحسب نظام الورديات وبمعدل ثماني ساعات لكل وردية، وقد تم حشد كل الطاقات البشرية والمالية وتجهيز المعدات اللازمة لذلك والمتوفرة لدى الأمانة ومقاوليها لتنفيذ خطة عمل الأمانة بالمستوى المطلوب. وأكدت الأمانة أنه تم الاطلاع على ما تم حصره في جميع مواقع تجمع مياه الأمطار في البلديات الفرعية وتحديد أربعة مواقع كإسناد للمعدات والآليات لدعم البلديات الفرعية، ولكن الواقع يأخذ منعطفا بعيدا عن تلك الاجتماعات التي عقدتها الأمانة، فالمياه تتجمع في كل موقع والحفر تحيط بالمنازل في كل جنبات الأحياء المنكوبة. مشاريع ولكن.. وبحسب ما تم رصده على أرض الواقع ومن أقوال الأهالي اتضح أن المياه موجودة في كل الشوارع ولم يتم مشاهدة الفرق الميدانية إلا فيما ندر. وقد وضعت أمانة محافظة جدة حلا سريعا يتضمن مواجهة الإشكاليات ومناداة السكان ومطالبتهم بمشاريع أخرى قد تستمر أشهرا طويلة وذلك من أجل مواجهة الأمطار في بعض المواقع التي لها الأولوية، وهناك مشروع جديد لتصريف مياه الأمطار يتضمن تنفيذ خطوط صرف أمطار رئيسية بأقطار تصل إلى 1000 ملم، وربط هذه الخطوط بالخطوط القائمة أو المنفذة في منطقة أولوية سابقة لهذا المشروع. ويقع المشروع في شوارع أم القرى، دلة، والمكرونة جنوب قناة مجرى السيل الشمالي، ويهدف إلى إنشاء شبكات لتصريف مياه الأمطار في منطقة أولوية رقم 8 والمحددة في شوارع أم القرى، دلة، ريان الملاح، والمكرونة جنوب القناة الشمالية، وذلك لمنع تجميع مياه الأمطار في هذه الشوارع. ملامح باقية وفي ختام جولة «شمس» لمسنا على أرض الواقع أن تجديد ذكرى الحزن في هذا اليوم ليست مقتصرة على القلوب والأنفس، ولكن انعكاسات التنمية المستدامة على أرض الأحياء المنكوبة كانت ستحل جزءا من المشكلة، وستخفف من وطأة معاناة الذكرى إلا أن ملامح الأحياء وما احتضنته من ترد في البنية ومشكلات السكان لا تزال موجودة منذ السيل الأول في يوم الأربعاء ولا تزال تعلن إيحاءاتها المؤلمة في كل الجوانب .