هناك شبه كبير بين الصداقة والعقار! فالصديق كلما تقادمت صداقتنا به، زادت قيمته المعنوية، ويصبح التخلي عنه نوعا من التفريط، ومواجهة غير مضمونة مع ظروف الحياة، والصديق الذي عليه محور الحديث هنا؛ هو الصديق الناجح، الذي حباه الله مالا أو جاها أو أي مكسب من المكاسب التي يحسد الناس عليها!. لاحظت في بعض أفراد مجتمعنا – أصلحهم الله – أن الصداقة على كف عفريت! بمعنى أنها يمكن أن تزول في لحظة، بمجرد نجاح صديق وتفوقه دون الآخر قد يقطع أحدهما الصلة وتزول عشرة السنين! لا لشيء إلا لنجاح تحقق لصديقه ولم يرده الله له، وهذا هو الحسد بعينه. وتلك النهاية؛ تظهر معدن الحاسد، وتحرمه من خير كبير.. ولو صبر ظفر! المحافظة على أصدقائنا الناجحين نجاح لنا، ألسنا في مجتمع الواسطة؟! هذه كانت مقدمة تشويق ولكن ليس هذا كل شيء! الآن سنقيم الصديق الناجح من وجهة نظر عقارية! ركزوا معي: لنفترض أنك اشتريت أرضا تجارية في حي جديد لا توجد به خدمات ولا مبان ولا طرق، كم سيقدر ثمن أرض بهذه المواصفات؟ سنضع رقما افتراضيا ونقول: خمسين ألفا. والآن لو قام صاحب الأرض المجاورة لأرضك؛ وبنى بيتا، ثم بنى بعده آخرون، ثم سألت عن قيمة أرضك فسيقولون لك إنها أصبحت ب100 ألف.. لاحظ أن نجاحهم انعكس عليك إيجابيا وتحققت لك «قيمة مضافة» وأنت متكئ في بيتك! ولو أردنا أن نوضح دور أصدقائنا الناجحين إذا حققوا نجاحا أكبر؛ فسنضرب المثال التالي: سنفرض أن مستثمرا مليئا بنى مشروع مجمع سكني قبالة أرضك، ثم اتصل بك مستثمر آخر يبحث عن أرض أمام ذاك المجمع، فاختار أرضك أنت ليقيم عليها محال تجارية تخدم المجمع، هنا سيدفع لك المليون وهو يبتسم! ثم لنفترض جدلا أن أحدا مكانك حاربهم جميعا، فلم يبن أحد منهم أرضه ولا مشروعه، ستبقى أرضه ب50 بل ستكون مثل أراضي المساهمات العقارية الكاسدة! وستكون النتيجة «لم ينجح أحد» وضريبة الحسد قاسية، لو كان قومي يعلمون. ربما يقال: إن المثال السابق يحصل في العقار، فكيف يحصل في الصداقة؟ إن نجاحهم يعني أنهم أصبحوا أكثر ثقافة وإدراكا إن كان نجاحهم ثقافيا ومعرفيا، ونجاحهم يعني أنهم أكبر نفوذا إن كان نجاحهم وظيفيا، ونجاحهم أيضا يعني أنهم أكثر سندا لك؛ إن كان نجاحهم ماليا… إلخ. وحين تجالسهم فإنك ستتحدث مع أصدقاء أصبحوا أكثر إدراكا ووعيا، وهذا سيصب في بند خبرتك أنت ومعرفتك، وإن طلبت مشورة أشاروا عليك بما يملكونه من دراية، وربما وجهوك لمن يعرفونهم فساعدوك، ولا تنس أنك في مجتمع يخدم أكثر؛ من كانت لديه علاقات أكثر! ما طرحته هنا؛ لن يفهمه ولن يعجب من كان حاسدا أو في قلبه مرض! ولكي نفهم ذلك أكثر، لا بد أن نؤمن بأن النجاح «فضل الله يؤتيه من يشاء» وليس من حقنا الاعتراض على إرادة الله «أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله»، وعلينا أن نتأمل مواطن النعم التي نحن فيها، وربما كانت الخيرة ألا يكون لنا مثل ما كان لهم! فلا نحزن، والثقة بالنفس مطلب، فلا نشعر بالنقص أمامهم، أو نكون انهزاميين بينهم، ولابد أيضا أن نبارك لهم، وندعو لهم، ونشعرهم بأن ما أفرحهم أفرحنا، حتى نحفظ الصداقة، والود الذي معهم، وحتما سيعم الخير بلادا لا حسد فيها! مدونة: شار