الحج رحلة دينية ورياضة روحية، طالبت به الأديان على اختلاف المعتقدات عبر أزمنة عديدة، فالمصريون القدماء كانوا يحجون واليونان والصينيون والهنود والنصارى واليهود، كل أولئك يحجون، لما في الحج من مزايا روحية لا تنال بغير الحج. وكان العرب قبل الإسلام بقرون يحجون إلى الكعبة ويأتون بأعماله من طواف وسعي وغير ذلك من شعائر الحج، فجاء الإسلام وأقرّ بعض الشعائر مما يتفق مع الشرع المطهر وأنكر بعضها. وأصبح الحج ركنا من أركان الإسلام الخمسة، وليس ذكر الحج في آخر الأركان «الشهادتان، الصلاة، الزكاة، الصوم، الحج»، إلا لأنه عبادة العمر وختام الأمر وتمام الإسلام وكمال الدين. ثم إن في الحج فوائد دينية عديدة، فالحاج إذا نوى السفر من وطنه استحضر أعماله واستذكر سيئاته وندم عليها وتهيأت نفسه لقبول الخير، فكان في ذلك طهارة من ذنوبه وحسن استعداد لطهارة نفسه وقربها من الخير وبُعدها عن الشر. فإذا تقدم في أعمال الحج، فأول ما يواجهه الإحرام، وهو أن يتجرد الحاج من كل ثوب مخيط ويلبس إزارا ورداء ويلبس في رجليه نعلين. واختيار اللون الأبيض في الإحرام فيه دلالة على الطهارة والنظافة الحسية والمعنوية. كما أن بياض لباس الحجاج يدل على بياض نفوسهم، شعارهم الدائم هو التلبية «لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك». والحاج وهو في هذه الحالة، كلما قابل أحدا أو دخل مجتمعا أو صعد أو هبط كرر: لبيك اللهم لبيك، ليذكر دائما موقفه أمام ربه، وليحفظ على نفسه طهارتها وصفاءها وشوقها إلى خالقها.