«لبيك اللهم لبيك» يرددها اليوم أكثر من ثلاثة ملايين حاج يشهدون يوم الحج الأكبر والوقفة الكبرى على صعيد عرفات الطاهر، مقتدين بسنة الرسول «صلى الله عليه وسلم»، يقفون في يوم الحج الأكبر متدثرين بالبياض ومحتمين بيقين ناصع، فعلى صعيد عرفات الطاهر تمتزج الأرواح وتتقارب القلوب وتتلاشى الفوارق ليشهد اليوم لوحة إيمانية يعيشها حجاج بيت الله الحرام في أعظم يوم، يوم عرفة وسط خدمات متكاملة وفرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين لتمكين ضيوف الرحمن من أداء مناسك الحج بكل يسر وسهولة. ويعتبر مسجد نمرة بمشعر عرفات ثاني أكبر المساجد بمكةالمكرمة بعد المسجد الحرام، حيث يتسع لأكثر من 350 ألف مصل بمساحة تبلغ قرابة 20 ألف متر مربع، وقد بني في الموضع الذي خطب فيه الرسول «عليه الصلاة والسلام» في حجة الوداع، ويؤدي حجاج بيت الله الحرام صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا اقتداء بسنة النبي في هذا اليوم. وأوضح قاضي المحكمة الجزئية بمكةالمكرمة الشيخ طنف محمد الدعجاني أن «يوم عرفة يوم فضيل وعظيم، وهو أحد أيام الأشهر الحرم، قال الله عز وجل: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ»، كما أنه أحد الأيام العشر التي أقسم الله بها منبها على عظم فضلها وعلو قدرها، كما أن يوم عرفة أكمل الله فيه الملة، وأتم به النعمة، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إن رجلا من اليهود قال: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، قال: أي آية؟ قال: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا»، قال عمر رضي الله عنه، قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو قائم بعرفة يوم الجمعة». وأبان الشيخ الدعجاني أن الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم كما قال النبي، صلى الله عليه وسلم، «الحج عرفة»، مضيفا أن النبي، صلى الله عليه وسلم، وقف نهارا بعد أن صلى صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين؛ فعلى حجاج بيت الله الحرام الإكثار من الدعاء في هذا اليوم العظيم. وعلى الصعيد الميداني، أعلن المتحدث الرسمي بوزارة الداخلية اللواء المهندس منصور التركي أن الحركة المرورية في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة تتم بكل انسيابية وسط تكامل الخدمات، مبينا أن الحركة المرورية في هذا العام لم تشهد، ولله الحمد، ارتدادات مثل الأعوام السابقة؛ وذلك لتطبيق منع دخول المركبات أقل من 25 راكبا وإحكام الخطة المرورية. وقال في المؤتمر الصحفي الثاني لأعمال حج هذا العام 1431ه الذي عقد أمس بمقر الأمن العام في منى «لوحظ منذ فجر الأمس وجود كثافة عالية لحركة المشاة عبر الطرق في المشاعر، وعملت قوات الأمن على منع الافتراش في الجمرات والساحات المحيطة بها وتم تحويل بعض الحركة إلى مشعر مزدلفة». وبين المتحدث الرسمي بوزارة الداخلية أنه تم في ال8.00 من مساء أمس تصعيد الحجاج من مشعر منى إلى مشعر عرفات عبر قطار المشاعر وبالطاقة القصوى البالغة 18 ألف حاج كل 20 دقيقة، أي 54 ألف حاج كل ساعة وحتى اكتمال نفرة الحجيج، مشيرا إلى أنه في يوم العيد سيشهد نقلا عاما للحجاج عبر القطار من مشعر منى إلى الجمرات من المحطات المخصصة إلى الدور الرابع. من جهة أخرى، بدأت هيئة الهلال الأحمر السعودي مساء أمس المرحلة الثانية من الخطة التشغيلية التي رسمتها قيادات الهيئة، وفي المقدمة الأمير فيصل بن عبدالله رئيس الهيئة، وتمركزت في دعم الخطط المؤدية إلى مشعر عرفات وتدعيم مراكز الإسعاف بعرفات ببعض الأطقم الطبية وسيارات الإسعاف، ورفع الاستعداد في مشعر عرفات لخدمة حجاج بيت الله الحرام. وأوضح رئيس إشراف عرفات أحمد عسيري أن هيئة الهلال الأحمر السعودي جهزت 71 فرقة إسعافية بمشعر عرفات لتقديم الخدمة الإسعافية الطارئة، بالإضافة إلى 29 متطوعا تم توزيعهم على 19 مركزا في عرفات، وأشار إلى أن من ضمن إطار خدمات الهيئة هذا العام في مشعر عرفات خمس طائرات تقدم الخدمة الإسعافية الطارئة في حال الاحتياج إليها لا قدر الله .