شهدت الذكرى السادسة لرحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات حضورا طاغيا، على الرغم من مضي ست سنوات على وفاته، حيث شهدت الأراضي الفلسطينية خلال ال48 ساعة الماضية احتشاد آلاف المواطنين الفلسطينيين لإحياء ذكرى رحيله، وتوشحت الجماهير بالسواد وهي تلوح بالأعلام الفلسطينية، ويحملون صور عرفات، حيث ارتدوا الشال الفلسطيني الذي تميز به الزعيم الراحل، الذي توفي في ظروف غامضة في 11 نوفمبر 2004 بأحد مستشفيات باريس. ولم تسلم وفاة عرفات من القرائن حول تورط إسرائيل في وضع سم له، وتشير الكثير من التقارير، ومنها تقارير إسرائيلية، إلى مسؤولية الحكومة الصهيونية عن اغتياله من خلال التصريحات التي كان يطلقها قادة العدو الصهيوني، وعلى رأسهم المجرم شارون عندما قال للرئيس الأمريكي بوش «إننا سنساعد الله في الخلاص من عرفات»، وذلك بعد عودة عرفات من مباحثات كامب ديفيد دون تقديم تنازلات، وقد أشار عرفات إلى ذلك بنفسه قبل استشهاده، حيث قال «أنا أشعر بالسم يسري في جسدي» أمام الوفود التي كانت تزوره في المقاطعة وهو محاصر قبل استشهاده. ولا تزال الإفادات التي تؤكد هذه القرائن، وتقدم إجابات للأسئلة الغامضة حول الوفاة تتواصل حتى الآن، ومنها تقارير إسرائيلية على طريقة «وشهد شاهد من أهلها»، منها ما ذكرته صحيفة «هاآرتس» في تحقيق أجراه الصحفيان الإسرائيليان «عاموس هارئيل» و«آفي إيزخاروف» نقلا فيه عن خبير إسرائيلي تأكيده أن كل العوارض التي ظهرت على عرفات في أيامه الأخيرة تشير إلى أنه قضى بالتسمم، وإلى كونه «رجلا ميتا يمشي»، في إشارة إلى السم الذي كان يدس له بكميات محدودة لمدة طويلة «خلال الحصار في المقاطعة» وبمعرفة عدد محدود من المسؤولين الإسرائيليين، كما أثار القضية مراسل القناة الثانية للتليفزيون الإسرائيلي «يورام بينور»، مؤلف كتاب «عدوي هو أنا»، وذهب في سياق الاتهامات نفسه، ليوافق طبيب عرفات الشخصي أشرف الكردي. وها هو الكاتب الإسرائيلي «أمنون كابليوك»، صاحب الكتاب الشهير عن صبرا وشاتيلا، والذي كان مقربا من الزعيم الفلسطيني الراحل، يصف «الدقائق الأخيرة» التي عاشها إلى جانبه: «في 18 أغسطس 2004 استمعت لعرفات يشرح الوضع أمام المجلس التشريعي الملتئم في المقاطعة، في خطاب دام ساعتين بصوت جهوري قوي. لم يكن عرفات مريضا ألبتة». وعلى الصعيد الرسمي الفلسطيني، جدد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ناصر القدوة ومسؤول مؤسسة ياسر عرفات، تحميل سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن «اغتيال» الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في ذكرى رحيله السادسة»، وقال القدوة خلال احتفال حاشد بالقرب من ضريح عرفات في رام الله: «لن نمل من إصرارنا في البحث عن الدليل الأخير على اغتيال ياسر عرفات وسنحصل عليه». ورغم مرور هذه السنوات الست على رحيل عرفات الغامض، لم يحرك المجتمع الدولي ساكنا للتحقيق، رغم وجود مؤشرات عدة على أياد صهيونية خلف اغتياله البطيء بالسم. وفي بيان وقعه مبعدو كنيسة المهد في غزة والدول الأوروبية، طالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية تحقق في ظروف اغتياله أسوة باللجنة الدولية للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري ولماذا تسترت فرنسا التي عولج فيها الرئيس أبو عمار في مستشفى «بيرسي» العسكري الفرنسي قبل استشهاده وحتى اليوم، ولم يتم الكشف عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى وفاته، ودعا البيان السلطة الفلسطينية والعرب والمسلمين جميعا بالتحرك والمطالبة بلجنة دولية للتحقيق في ظروف استشهاد أبو عمار والمطالبة بمحاكمة المسؤولين عن اغتياله أمام المحاكم الدولية .