أحيانا – والحمد لله أنه ليس دائما – عند مشاهدتك لأي مباراة في دوري «زين» للمحترفين..تضطر إلى مقاطعة العك الكروي بمهاتفة ضاحكة لصديق؛ إما للتعليق على لقطة عابرة أو التندر على مستوى لاعب لا يليق باللعب مع الفرق الكبيرة ويتخبط في معظم الكرات التي تصله..أو لإبداء تذمرك من كثرة أشباه اللاعبين مع أندية الكبار.. حتى أصبحنا أكثر التصاقا بالأساليب الضاحكة من مخرجات دورينا المحلي.. في حين غابت هتافات الإعجاب بشكل لافت.. وأصبحنا نشتاق للاعب الموهوب فطريا الذي يزرع فينا الأمل والتفاؤل.. حاولنا مرارا وتكرارا أن نتصالح مع واقعنا ونستمتع بأداء الوجوه الواعدة.. لكن لا يوجد أحد يسرق الألباب ويلفت الأنظار.. كلهم يتفقون على نمط واحد وطريقة تقليدية مستهلكة.. الأمر الذي يجعلني أتساءل: هل صناعة الموهبة لدينا تتطلب هذا الرتم البطيء؟ انظروا كل اللاعبين الواعدين لدينا يتشابهون جسمانيا ومهاريا وفكريا.. ولا يوجد بينهم من يقفز ويتمرد على الأطر والمربعات بسرعة البرق.. إذ يحتاج أحدهم على الأقل إلى ثلاثة مواسم لفرض أسلوبه وشخصيته داخل الميدان.. بالأمس القريب.. وجدت شيئا من هذا.. بحثت لاهثا عن هاتفي لنقل إعجابي بلاعب متمرد وخارق لبقية الأصدقاء.. لكنه للأسف لم يظهر في ملاعبنا.. بل ظهر أينما تظهر المتعة الحقيقية.. في البطولة الأهم والأفضل والأمتع.. دوري أبطال أوروبا.. كان الويلزي «جاريث بال» ابن ال «21» ربيعا فارقا في طريقة لعبه الساحرة وهو يلقن البرازيلي «مايكون» درسا لن ينساه.. لم أكن وحدي معجبا بهذا.. في اليوم التالي اكتشفت أن العداء «بال» قد سحر العالم بأسره.. وتذكرت أنه في «دورينا» مرت مواسم عديدة ونحن نفتقد لصدمة إعجاب تضاهي ما فعله بنا «بال».. والمصيبة العظمى أن كل اللاعبين الذين كان لهم نصيب الأسد من مهاتفات التندر والتفكه.. جمعهم لنا البرتغالي «بيسيرو» في تشكيلة واحدة اسمها «تشكيلة المنتخب السعودي الأول».. راجعوا قائمة الأسماء المعلنة.. لتجدوا أن معظم اللاعبين المختارين لا يحظون بثقة جماهير أنديتهم.. وأن المنضمين للمرة الأولى لا يملكون أبجديات كرة القدم..ويبدو أن «برتغالينا» لديه مشكلة حقيقية في ذائقته.. وأنه الوحيد الذي لم يطربه «بال»..!