كنت في مقال سابق قد ذكرت أن تمويل المشاريع الصغيرة في المملكة ليس معيقا بشكل كبير وذلك لوجود ما يقارب ستا وعشرين جهة تمويلية منها الحكومي ومنها الخاص، والعدد والحمد لله في ازدياد. جميعهم لديهم الرغبة الحقيقية لتمويل مختلف الأنشطة التجارية إذا توافرت شروط النجاح لهذه المشاريع. هذه الشروط تنقسم إلى ثلاثة أفرع؛ نفسية، ومعرفية، وبيئية. الفرع النفسي وعملا بالآية الكريمة التي تقول «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» يعتبر الاستعداد النفسي لدى رواد الأعمال هو العنصر الحاسم لنجاح مشاريعهم التجارية، ومن هنا يعتبر الاستعداد النفسي أحد العوامل التي تركز عليها جهات التمويل المختلفة والذي يقيسون فيه مدى القوة النفسية لمواجهة الصعاب المتوقعة، وأيضا مدى قوة الروح القتالية لتخطيها. الفرع الثاني هو الفرع المعرفي وهو ما يحتاج إلى أن يلم به الرواد من أصول المحاسبة والتسويق تحديدا، وكلما زادوا عمقا في هذين العلمين زادت فرصهم لقبول تمويل مشاريعهم، وازدادت فرص نجاح مشاريعهم. من المؤكد أن جهات التمويل لن تختبر مدى استيعابهم لهذين العلمين ولكنها سترى انعكاسهما على دراسة الجدوى. الفرع الأخير هو البيئة والمقصود به كل ما يحيط بالمشروع من فرص ومخاطر. إن العين الثاقبة لاقتناص الفرص واجتناب المخاطر تحتاج إلى التدرب على التفكير الإبداعي الذي يجعل الرواد يحولون الفرص والمخاطر إلى تطبيق على أرض الواقع لعمل مشاريع استثمارية قابلة للنمو والذي يعتبر علما المحاسبة والتسويق إحدى أدوات تحليل هذه المخاطر والفرص. إجمالا الدخول في مشروع خاص ليس كالوظيفة إن ارتحت فيها واصلت بها وإن لم تعجبك بحثت عن غيرها. إن التخطيط لتأسيس عمل خاص خصوصا لأول مرة يحتاج إلى وقت للاستعداد له لما قد يترتب عليه من تبعات مؤلمة في حال فشله. وسأخصص الأسابيع الثلاثة المقبلة للحديث عن كل فرع بشيء من التفصيل. * استشاري في الأعمال الصغيرة والمتوسطة والشركات العائلية