تحضر المرأة في نصها لتكون عمود الحكاية وأساس الحدث، وعبر اشتغالها على موضوعة «الإرادة» الحرة، استطاعت القاصة «زينب الهذال» أن تبني لبطلاتها الظروف الموضوعية التي تؤهلهن ل «اتخاذ القرار» في محاولة لإسقاط الخيال على الواقع المشتهى، وهو ما تؤكده الهذال بعنوان مجموعتها القصصية «هي من اتخذت القرار». وفي هذا الحوار، تحاول «شمس» أن تستطلع هذا العالم الذي بنته الهذال لبطلاتها على رمال سردية ثابتة: نصوصك القصصية كانت متفاوتة الطول، إذ تراوحت بين خمس صفحات و 30 صفحة.. فهل ترين أنها تنتمي إلى نفس النسيج القصصي الذي يؤهلها لتكون في مجموعة قصصية واحدة؟ تفاوت أطوال القصص لا يلغي كونها تحمل سمات مشتركة تجعل منها نسيجا قصصيا متشابها، وبالنسبة إلى تصنيفها تحت اسم قصص قصيرة، فهو مناسب جدا، وهي كلها تعتمد على شخصية واحدة تلعب دور البطولة ولها محدودية زمانية ومكانية حتى على مستوى الأحداث، وهذه من أهم سمات القصة القصيرة. لاحظت أن اللغة المستخدمة في المجموعة لغة بسيطة جدا خالية من التشبيهات والأوصاف. لماذا؟ اعتدت أن يكون أسلوبي في الكتابة مباشرا وبسيطا، ولكن هذا لا يمنع أن المجموعة حوت تشبيهات وأوصاف لكنها لم تطغ على بساطة السرد. يختار القاصون عادة عناوين مجموعاتهم القصصية من عناوين القصص في المجموعة. ما الذي دفعك إلى تجاهل عناوين نصوصك لتختاري عنوانا مستقلا ليكون هو عنوان المجموعة؟ بصراحة أنا وضعت العنوان قبل أن أكتب المجموعة، بمعنى أن فكرة اتخاذ المرأة لقراراتها بنفسها كان هو المحفز لي أثناء الكتابة، وأهم سمة جمعت بين القصص في المجموعة هو أن البطلة انتهجت المبادرة أسلوبا في تغيير حياتها، وهذا قرار مهم. اعتمدت في كل نصوصك على بطولة متفردة للمرأة، ولا يوجد أي نص لم تكن المرأة فيه البطل الأول بجدارة.. هل أردت أن تصنعي حكايات عن المرأة فقط؟ هل نستطيع القول إنك تكتبين أدبا نسويا؟ صحيح أن البطولة كانت للمرأة، لكن المجموعة موجهة للجميع، ولا أعتبر كتاباتي نسائية، فلو اختلف جنس البطل إلى رجل فهل هذا يعني أن كتاباتي ستكون موجهة للرجل؟ ببساطة المجموعة رسمت واقع مجتمع برزت المرأة فيه على حساب الشخوص الأخرى. «هي من اتخذت القرار».. ضمن خطك السردي اخترت لجميع النصوص موضوعا متقاربا كانت المرأة فيه صانعة للقرار، وهو تطبيق حرفي لما جاء في عنوانك. برأيك هل نحن بحاجة إلى هذا النوع من النصوص حتى نحارب احتكار الذكورة للقرار؟ وهل هي بالفعل -أي مبادرة اتخاذ القرار- ما زالت محصورة في الذكور؟ الذكورة كلمة فضفاضة، ولا يمكنني الجزم إن كنت أؤيدها أو أحاربها لأنها لا تزال ضبابية التعريف. أما بالنسبة إلى اتخاذ القرار لا ينفرد الذكر بالقرار أو يتعسف به، إلا إن سمحت له الأنثى بذلك. هل أردت من خلال نصوصها أن تحرضي المرأة علي أمر ما؟ نعم أردت أن أخبرها أنها سيدة نفسها، وأن لها حقوقا، وأن عليها أن تلجم تدخلات الآخرين في حياتها ضمن حدود واضحة، والمرأة حين تدرك هذه الحقوق وتدافع عنها تستطيع أن ترسم حياتها بطريقة إيجابية ترفع من خلالها تقديرها لذاتها وتعلي من قيمتها كإنسانة. كل شيء في نصوصك يدل على أن البيئة المحلية هي مسرح الأحداث، ومع ذلك لم يظهر المكان جليا في سردك فرغم أن النصوص القصصية ترتكز كثيرا على المكان لم تظهر المدينة مثلا في نصوصك واقتصر الأمر على حصر المكان في بيئة المنزل.. لماذا؟ أردت أن يشعر القراء بأنهم هم المعنيون بالقصة وليس أحدا آخر يقطن مدينة أخرى أو بلدا آخر، وبما أن البيئة المحلية لدينا في المملكة والخليج عموما متشابهة، فهذا سيخدم المجموعة بحيث إن البطلة قد تكون في الرياض أو الكويت وحتى الدوحة. لا فرق. استخدمت طريقة واحدة في سرد نصوصك، وهو أن تأتي الأحداث على لسان «الراوي العليم» لماذا لم تنوعي في طرائق السرد، خاصة أن المرأة تحب أن تتناول قضاياها ونصوصها من جانبها وبشخصيتها بحيث تكون جزءا منها وتأتي على لسان شخوصها؟ تعددت أصوات الرواة في المجموعة، صحيح أن الراوي العليم كان هو الأساس في السرد، ولكني استخدمت الراوي المحايد أيضا، وتركت الشخصيات تروي عن نفسها في مقاطع معينة من السرد .