أحتاج الآن بياضا أرتمي فيه، علي أسكب شيئا مما يتراكم في القلب، فحين تعبر الغيمة أرضا جدباء، لن يكون عبورها دون أثر.. فهي إما أن تسكب غيثا يحيي الأرض، أو تمنح ظلا يشعل النشوة في القلب.. هكذا كنت حين تعثرت بك أوجاعي.. لمسة منك كانت كافية ليستحيل الوجع فرحا.. واليأس أملا.. أي سحر تملكه يداك؟ لبرهة، وقفت مشدوهة.. عقدت الدهشة لساني وأنت تقول: «لا أريد أن تمنحيني شيئا، خلقت لأجل أن أمنحك أنا.. منحت كثيرا.. ملايين من البشر، لا أريد أن أكون منهم! حان الوقت لتستريحي». لا أدري هل شعرت بالمهانة أم البهجة، ترد عطائي، لم يسبقك إلى هذا أحد!. لا يحدث كثيرا أن نصادف من هم مثلك! من يرفض أن يأخذ، بينما يمنح ببسمة دائمة ودون مقابل! ربما روح الأم في داخلي شعرت بالمهانة.. أما روح الأنثى فقد استطالت غرورا وبهجة!. هناك أغلقت أبواب الكلمات، حين شرعت القاعات لاستقبال المسافرين العائدين إلى أوطانهم، حاملين في حقائبهم الجلدية الصغيرة ثيابهم الأثيرة، جوازات عبورهم، أحلاما جميلة، أمنيات صغيرة، والقليل القليل من التفاصيل التي تشبههم، كأن القلوب مطارات لا تغلق أبوابها أبدا.. لا تمل من استقبال القادمين وتوديع الراحلين.. تآلف أصوات الطائرات وتأوهات المسافرين وأشواق الغائبين ولهفة المحرومين.. تمنحهم وجبة غداء سريعة، وساعات انتظار طويلة، كأن القدر الذي ربط قلوبهم بالسماء والغيمات العابرة، والتحليق فوق المحيطات والبحار.. سيأخذهم يوما إلى حيث ترسو آمالهم في بقاع مبعثرة من الأرض.. صفراء وزرقاء، شمس دائمة وذرات غبار عالقة.. وشاطئ يتيم إلى أحضانه ترتمي الموجات كل مساء. أي شيء آخر في هذا الكون قادر على أن يبعثرنا؟ أي شيء سوى إعصار قادم من حيث لا نعلم.. ذاهب إلى حيث لا نعلم.. أي شيء قادر على أن يعيد ترتيب تفاصيلنا ولحظاتنا وأجندة أيامنا سوى الأمنيات التي تظل عالقة طويلا طويلا بين السماء والأرض، تحلق فوق أجنحة صدئة لتعود حين تشرق الشمس أو تغيب. مدونة: أرجوحة