صنعت بعض الأغاني التي قدمها مجموعة من المطربين أمامهم عقبة لا يمكن تجاوزها إما لجمال هذا العمل ووصوله للناس بصورة مدهشة، وإما لأن صوت المطرب وقتي وذو إمكانيات محدودة، ومع ابتعاد هؤلاء المطربين بقيت أعمالهم التي غنوها دلالة على فترة زمنية نجح فيها هذا العمل، ففي مصر صنعت أغنية «لولاكي» للفنان علي حميدة حضورا في مطلع عام 1991 وعرف بهذه الأغنية وسط مجموعة كبيرة من المطربين الذين أكدوا أن علي حميدة ونجاحه ما هو إلا انتشار ولا يمكن أن يكون نجاحا حقيقيا، وتوالت السنون وغاب حميدة عن الوسط الفني على الرغم من نشاطه الذي امتد لأربع سنوات، إلا أنه ابتعد ابتعادا كليا، ولم يعد له حضور حتى في ثورة الفضائيات، وهو نفس ما حدث مع الفنان حمدي باتشان الذي اشتهر كثيرا في عام 1989 بأغنية «كلمني» أو الشهيرة التي شاركه فيها الفنان يوسف داود، إلا أن الأغنية ما لبثت أن اختفت على الرغم من زحف نجاحها إلى الوطن العربي بأكمله، ولعلكم تتذكرون الفنانة نادية مصطفى في أغنية «سلامات» التي قدمتها في عام 1988 للمغتربين المصريين في الدول العربية وعلى الرغم من جمال صوت نادية مصطفى إلا أنها لم تستطع تجاوز هذا العمل، وبقي صوتها حبيس هذه الأغنية، ولم تتجاوز السقف. وفي الجانب الآخر بقي بعض المطربين يحاولون أن يقدموا الجديد والمميز سعيا في الاستمرارية إلا أن مثل هذه الأعمال الجميلة لا يمكن تجاوزها، فعلى الرغم من جمال صوت الفنانة المصرية آمال ماهر إلا أن أغنية «سكن الليل» التي قدمتها للشاعر ابن عبود في عام 2001 لم تستطع أن تتجاوزها وظل الناس يذكرونها بهذا العمل حتى الآن، على الرغم من محاولات النجمة التحدي والظهور بعمل مختلف، ونفس الأمر ينطبق على الفنانة أسماء المنور التي لم تتجاوز أيضا أغنية «قلبي دايم معاكم» التي قدمتها قبل سنوات وصورتها بطريقة الفيديو كليب على الرغم من بحثها هنا وهناك في أرشيف طلال مداح ومحمد عبده وعبدالمجيد عبدالله. ومن ضمن الأصوات التي انتشرت في وقت محدد ومن ثم اندثرت المطرب العراقي علاء سعد الذي ملأ أسماع العالم العربي بأغنيته الشهيرة «البرتقالة» في عام 2003- 2004 وعلى الرغم من محاولات علاء سعد للخروج من مأزق البرتقالة بالتفاحة إلا أنه لم يستطع تجاوز مثل هذا العمل الذي اعتمد في محتواه أيضا على التصوير ورقصات المجاميع التي أنجحته كثيرا، وجعلت هذا العمل تحفة فنية في عيون الرجال، وهاهو علاء سعد وعلى الرغم من إمكانيات صوته الجميلة إلا أنه لم يعجبه النجاح المعقول وفضل الابتعاد والاكتفاء بأغنية البرتقالة التي يقول عن نجاحها: «سمعها الجنين في بطن أمه». الفنانة أنغام وعلى الرغم من نجاحها العريض في بداية مشوارها الفني إلا أنها بعد أن قدمت أغاني المطرب محمد عبده حصرت نفسها في اللون الخليجي ومازال الجمهور يطالبها حتى هذه اللحظة بأعمال مثل: «انت محبوبي» و«مع التقدير»، كما أن الجمهور مازال يطالب أنغام بعمل ينسيهم «في الركن البعيد الهادي» ولعل الفنان محمد عبده يعتبر أشهر فناني الوقت الحاضر، فبعد أن قدم تحفته الفنية في عام 2007 الأماكن كلام منصور الشادي وألحان ناصر الصالح لم يستطع تجاوز هذا العمل حتى الآن على الرغم من حجم وإمكانيات صوته الضخمة وكأن العمل هذا جاء ليلخبط أوراق محمد عبده الفنية في سنوات عمره الحالية لدرجة أن الشاعر سعد الخريجي صديق محمد عبده وصفهم بالعباقرة إذا استطاعوا أن يتجاوزوا عمل الأماكن. في الجانب الآخر يرفض الجمهور العمل الواحد للنجم ويتمنى أن يقدم له ما يريده من أعمال بعيدا عن مقاييس النجاح لكنهم يشترطون الذوق الفني الرفيع والكلام المعبر، وعند بعض المطربين الأغاني الراقصة التي لا تعيش إلا شهرا أو سنة على الأكثر