أما سمر فهي امرأة فاضلة كملايين النساء في هذا الوطن.. يقارب سنها ال 30 ولديها ابن يدعى براء يذهب إلى المدرسة ويعود ولا يجد أمه لأنها في السجن. أما الذئب فهو ذكورتنا المتخيلة، ووهم رجولتنا، والشرخ الذي نحاول رتقه منذ زمن بجهالتنا وتجاهلنا. الذئب.. أن يكتب ألف كاتب ذات مساء عن تقنين العنف الأسري وزواج القاصرات, وفي الصباح يُحكم أن أمثال سمر عاقات وغير صالحات وأن الأب الذي يمارس العنف والاضطهاد والتقتير والضرب والتهديد بالقتل على ابنته أب حنون وجميل ومهذب. الذئب.. أن نعتبر المرأة نصف إنسان ونصف حقيقة ونصف أمل. الذئب أن نتساءل طويلا هل يمكن أن تعيش سمر مع ابنها بسلام معا وحدهما أو مع أخيها؟ كيف نعالج قضية الوصاية والقوامة؟ هل هناك قانون يحمي المرأة المطلقة والأرملة ويوفر لها حياة كريمة ومنطقية؟ الذئب أن نخرج من هذه الأسئلة بأجوبة غير مفيدة ليستمر الكم اللامتناهي من اللافعل وحملات التأجيل ولجان الدراسة والمداولة والتمحيص والشورى حتى نكتشف أن سمر في السجن منذ ستة أشهر وأن سمر لم تر ابنها منذ عام ونصف. الذئب أن نغرم بمبادئ إصلاح ذات البين والنصح والإرشاد والحث على الأخلاق وبقية القيم الرائعة الأخرى التي لم تحظ بفرصة تشريعها على صورة قوانين. الذئب أن تصل قضية سمر إلى طريق مسدود، وقبل أن تصل إلى هناك بمراحل، يتقدم شاب كفء ليتزوجها وبمعية لجنة إصلاح ذات البين، لكن الأب القوي حال دون ذلك ليودع ابنته السجن لأن وصايته تنفي حقيقة عضلها. الذئب أن تتناقل الخبر مؤسسات حقوقية عالمية، بينما تغرق الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وهيئة حقوق الإنسان في صمت مخجل. الذئب أن تعتقد أن الظلم منكر والألم منكر والعنف منكر، والحياة الكريمة معروف والحرية معروف والعدالة معروف، ثم تكتب مقالا ثم تمحوه وتكتب آخر ورابعا وعاشرا ويُنشر لك المقال ال 50 عن قضية ما ثم لا تجد لذلك صدى.