كان انتخاب باراك أوباما رئيسا لأمريكا في نوفمبر 2008، تحقيقا لحلم زعيم حركة الدفاع عن الحقوق المدنية للملونين مارتن لوثر كينج قبل 45 عاما، الذي يشبّهه كثيرون بالرئيس الأمريكي الراحل جون كنيدي في قوة شخصيته والأمل في التغيير الذي يجسده. وقطع أوباما طريقا طويلا واستثنائيا في بلد لم يتمتع فيه الملونون بهذه الحقوق إلا قبل نصف قرن فقط. ولعب كينج دورا مهما في إلغاء التمييز العنصري في أمريكا، ودفع حياته ثمنا لذلك. يرى كثيرون أن رسالة لوثر كينج قد تحققت وأن التفرقة العنصرية في أمريكا قد انتهت في اليوم الذي فاز فيه باراك أوباما بالانتخابات الرئاسية، وعندما ولد أوباما في الرابع من أغسطس 1961 في هاواي من أب ملون من كينيا وأم بيضاء من ولاية كنساس، كان الزواج بين الأعراق المختلفة محظورا في كل ولايات الجنوب الأمريكي قبل أن تسمح به المحكمة العليا في يونيو 1967. لقد مارس البشر التمييز العنصري منذ «اجتماعهم» في كيانات سياسية مختلطة، وشهد القرن ال20 حالتين من التمييز في أمريكا وجنوب إفريقيا، واستطاع نيلسون مانديلا إنهاء هذه المشكلة في الأخير، بعد أن لعب مارتن لوثر كينج دورا مهما في إلغاء هذا التمييز في أمريكا. ولد كينج في 15 يناير عام 1929، وهو زعيم أمريكي من أصول إفريقية، وناشط سياسي إنساني، من المطالبين بإنهاء التمييز العنصري ضد بني جلدته. وفي عام 1964 حصل على جائزة نوبل للسلام لدعوته إلى عدم العنف، فكان بذلك أصغر رجل في التاريخ يفوز بهذه الجائزة، ويعد يوم ولادته عطلة رسمية في أمريكا حيث يعتبر من أهم الشخصيات التي دعت إلى الحرية والحقوق المدنية للأقليات. البداية كانت في 17 مايو 1954 عندما حقق الملونون «انتصارا» مهما بالقرار الذي أصدرته المحكمة العليا بأن التمييز العنصري ضد الطلاب في المدارس هو أمر غير دستوري، وكانت تلك الخطوة الأولى في مسيرة الألف ميل. وفي 4 حزيران 1956 حكمت المحكمة بأن التمييز في الحافلات هو أمر غير دستوري، وقبل نهاية ذلك العام صار يحق للملونين الجلوس في مكان واحد مع البيض. وتابع كينج ورفاقه نضالهم من أجل حقوق الملونين في أمريكا، وراحوا يحرزون الانتصار تلو الانتصار. وقام أفارقة أمريكا عام 1963 بمسيرة لم يسبق لها مثيل في قوتها اشترك فيها 250 ألف شخص، منهم نحو 60 ألفا من البيض وكانت أكبر مظاهرة في تاريخ الحقوق المدنية. وهنالك ألقى كينج خطبته الشهيرة «إني أحلم» التي قال فيها «لدي حلم بأنه سيأتي يوم يعيش فيه أطفالي الأربعة وسط شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوي عليه أخلاقهم». ووصف كينج المتظاهرين كما لو كانوا قد اجتمعوا لاقتضاء دين مستحق لهم، ولم تف أمريكا بسداده. وفي العام نفسه أطلقت مجلة «تايم» على كينج لقب «رجل العام» فكان أول رجل من أصل إفريقي يمنح هذا اللقب، ولم يتوقف عن مناقشة قضايا الفقر والدعوة إلى إعادة توزيع الدخل بشكل عادل. وفي الرابع من إبريل عام 1968 اغتيلت أحلام كينج ببندقية أحد المتعصبين البيض ويدعى جيمس إيرل راي. وكان قبل موته يتأهب لقيادة مسيرة في ممفيس لتأييد إضراب جامعي النفايات الذي كاد يتفجر في 100 مدينة أمريكية. وقد حكم على القاتل بالسجن 99 عاما، غير أن التحقيقات أشارت إلى احتمال أن الاغتيال كان مدبرا، وأن جيمس كان مجرد أداة .