عندما خرج حزب المحافظين البريطاني، المنتمي لتيار يمين الوسط، من الانتخابات التشريعية بأكبر عدد من المقاعد، مايو الماضي، كان ينقصهم 20 مقعدا لتحقيق أغلبية في البرلمان المكون من 650 مقعدا. وسرعان ما بدأ المحافظون محادثات مع حزب الديموقراطيين الأحرار لتشكيل ائتلاف حكومي للمرة الأولى منذ عام 1945. وأتاح هذا التحالف أن يحصل الديموقراطيون على خمسة مناصب كبيرة من بينها نائب رئيس الوزراء الذي أسند إلى زعيمهم نيك كليج. ومنذ ذلك الحين دارت أحداث كثيرة كان بطلها كليج نفسه بعد أن تعرض إلى ضغوط كثيرة من أنصاره نظرا إلى الجدل الذي دار حول مدى صحة الدخول في هذا التحالف. يتمتع نائب رئيس الوزراء البريطاني نيك كليج، 43 عاما، بحضور إعلامي متميز، وقدم نفسه زعيما سياسيا معاصرا في وقت كان حزبه يبحث فيه عن قيادة شابة. وهو أصغر قادة الأحزاب السياسية البريطانية سنا، ومتزوج من محامية إسبانية هي مريم دورينتس ولديهما ثلاثة أبناء. ودرس كليج في جامعة كمبريدج العريقة وعمل لفترة وجيزة أستاذا للإعلام قبل أن ينتقل للعمل في المفوضية الأوروبية ببروكسل. وكان المحافظون بقيادة ديفيد كاميرون حلوا في المرتبة الأولى في الانتخابات التي جرت في السادس من مايو الماضي وتحالفوا مع الديموقراطيين الأحرار الذين حلوا في المرتبة الثالثة لتشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة. وأنهى هذا التحالف، الأول من نوعه منذ الحرب العالمية الثانية، حكم حزب العمال الذي دام 13 عاما، إلا أن الخلافات في وجهات النظر بين الحزبين الحاكمين خصوصا بشأن أوروبا والملفين النووي والدفاعي تطرح تساؤلات كثيرة حول مدى قدرته على الاستمرار. وظل رئيس الوزراء كاميرون يدافع دائما عن حكومته، وأوضح في لقاء مع تليفزيون « بي بي سي» أن الأمر ليس عبارة عن مجموعة من الأشخاص التقوا سعيا لتسلم السلطة وأن الائتلاف بين الحزبين «يستند إلى قيم، ونحن نؤمن بالفعل أنه لا بد من الحرية في مجتمعنا». وأضاف أيضا أن كليج سيحل مكانه إذا دعت الحاجة للرد على الأسئلة الأسبوعية أمام أعضاء مجلس العموم كما ستكون له كلمته في التعيينات. وأفاد استطلاع للرأي نشرته صحيفة «الإندبندنت» أن ثلث ناخبي الديموقراطيين الأحرار يعتبرون أن كليج « ضحى بأفكار الحزب بتحالفه مع المحافظين وكان من الأفضل التحالف مع العمال». كما انتقد الزعيم السابق لحزب الديموقراطيين الأحرار تشارلز كندي في لقاء مع «الأوبزيرفر» هذا الائتلاف معربا عن تخوفه من أن يتعرض أنصار حزبه إلى الاستيعاب من قبل المحافظين. وشهد المؤتمر السنوي للحزب، سبتمبر الماضي، جدلا حول مدى صحة الدخول في تحالف مع المحافظين لتشكيل الحكومة. ووقف كليج زعيم الحزب في قاعة المؤتمرات بمدينة ليفربول للدفاع عن التحالف. واختارت صحيفة ال«إندبندنت» أزمة كليج عنوانا رئيسا لها عندما خصصت صفحتها الأولى لتغطية موسعة للجدل الذي يتخوف المراقبون من أن يؤثر على تأييد الحزب في أوساط الناخبين. وبدأ كليج يتعرض إلى ضغوط كبيرة من حزبه الذي يطالبه بانتزاع موقع أقوى داخل الحكومة، وبرفع الصوت أعلى في التعبير عن قناعاتهم. ورأت الصحيفة أن سبب موجة التشكيك الجديدة في قيادة كليج يكمن في خبر أشيع على الإنترنت عن نية زعيم الحزب السابق تشارلز كيندي الانسحاب والانضمام إلى صفوف حزب العمال، في احتجاج على سياسة الحكومة بخفض النفقات. ومع أن كيندي نفى الأمر جملة وتفصيلا، إلا أن ذلك لم يصد عاصفة الضغط على كليج .