بين الإثارة والإسفاف شعرة، قطعت في برنامج حواري يستضيف الشعراء الشعبيين في قناة فضائية، ويظهرهم خارجين عن طورهم بعد استفزازهم بالاتهامات والتدخل في الخصوصيات، وأحيانا نفي صفة الشاعرية عنهم حتى يخرج الحوار عن مساره الأدبي إلى ساحة للابتذال والركاكة البعيدة جدا عن الشعر وعالمه الجميل الذي يحاول أن يظهره ذلك البرنامج على عكس محتواه الإبداعي، وهذه ضريبة الحرية المطلقة في الإعلام غير المهني الذي تطغى فيه المادة على المحتوى الثقافي والأخلاقي الذي يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند تقديم المادة لكي تكون رسالة مفيدة تسهم في الارتقاء بالذوق والوعي. والخروج عن المعايير يستدعي تدخل الرقيب على ما تقدمه القنوات الفضائية الخاصة التي اكتسبت نجاحها من هويتها السعودية، ومن السماح لها بتغطية الفعاليات المحلية، وتفاعل بعض الجهات الحكومية معها، والدعم الشعبي الذي تحظى به، ويجب أن يكون ذلك مقابل الالتزام بمعايير الإعلام السعودي لأنها في النهاية تظهر صورة منه للعالم الخليجي والعربي. وما يستثير حفيظة الغيورين أن ذلك التشويه جاء باسم الشعر وهو ما نرفضه دفاعا عن الشعر الذي يعد عصب الثقافة العربية، والإخلال بتقديمه يجعلنا نعترض بشدة على من لا يقدره، ونطالب بأن يوضع في مكانه الذي يليق به. الجانب الآخر من ذلك البرنامج الذي يعرفه كل من يتابع فعاليات الشعر الشعبي لكثرة تجاوزاته، أن هناك شعراء يسايرون موجته الغوغائية بحثا عن الفرقعة الإعلامية الفارغة، وإلا ما الذي يجبر شاعرا يحترم شعره على قبول دعوة برنامج يسأل فيه الضيف إن كان يتعاطى شيئا قبل كتابة القصيدة؟ ثم يتمادى ويظهر له وعلى أعين المشاهدين نوعا من العقاقير المنشطة، على حد قول المقدم، ويسأله إن كان يعرفها أم لا؟ الذي يكمل الناقص في ذلك البرنامج المليء بالممارسات «العربجية» هو ذلك الإعلان التجاري للترويج عن الاشتراك في خدمة جوال البرنامج الذي يطرح عددا من القنوات الشعرية المتنوعة، ومن أطرفها قناة متابعة أخبار مقدم البرنامج الذي نأمل أن يكون آخرها إعلانه توبته وندمه عما يقترفه في حق الشعر.