أكد أستاذ كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي الدكتور محمود سفر، أن من نواقض الاعتدال انبهار المرء بما حوله من مظاهر الحضارة المعاصرة المسيطرة لدرجة الغشاوة ودون اعتدال، واللهث خلفها حتى الإعياء دون توسط ودون أدنى إحساس بالحاجة إلى التناغم مع جوهرها ومكوناتها ومقوماتها، إلى جانب الإفراط بالتغني بماضي الأمة التليد وتراثها المجيد دون اعتدال واجترار الماضي بلا توازن وتبصر وعدم الشعور بالمسؤولية بوعي وبصيرة، إضافة إلى خمول العقل المسلم وخروجه من دوائر التحدي الحضاري وغيابه عن مجريات الأحداث وعدم التوازن في تربية أطفالنا وجعلهم لا يعتمدون على ذواتهم وعدم معرفة قيمة الوقت وصرفه فيما لا طائل منه، فضلا عن الاستفزاز. وناقش في بحث قدمه بالندوة العلمية الأولى لكرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي التي نظمتها جامعة الملك عبدالعزيز أمس، بعنوان «الاعتدال ونواقضه.. مفهوم حضاري»، مفهوم الاعتدال على مستويات مختلفة عند اللغويين والأصوليين والمفهوم الحضاري للاعتدال بوصفه الخيار الأوحد والأمثل لمواجهة الفكر المتطرف والتيارات التغريبية في المجتمعات المتحضرة. من جهة أخرى، قدم الأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز الدكتور فهد السماري، إضاءات متعددة على جوانب مشرفة من شخصية الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وميله إلى الاعتدال في جميع أقواله وأفعاله وإيمانه بهذا المبدأ الإسلامي الراسخ ومحاربته لكل ألوان التطرف والتفريط وتمسكه بالوسطية التي عبر عنها القرآن الكريم: «لقد استقر في يقين الملك عبدالعزيز الراسخ أن دعوة الإسلام لم تنتشر في شرق الأرض وغربها إلا بسمو رسالتها واعتدال منهجها، وكان - رحمه الله - وسطا بين الإفراط والتفريط والغلو والجفاء». وأكد أن الملك عبدالعزيز اعتمد هذا المنهاج في مواجهة التفرق في المذاهب والاختلاف الذي ساد العالم الإسلامي، كما جعله نبراسا له في توحيد المملكة ولم شعثها واختلافها على قلب رجل واحد، ونادى بالاعتدال في سياسته الخارجية، ودعا إلى نبذ كل فكر يؤيد العنف والتعصب والتطرف، مشيرا إلى أن سيرته العطرة وسلوكه الكريم يجسدان كل خصال الاعتدال والتزامه صفات التوسط التي دعا إليها الدين الإسلامي الحنيف. وبين السماري أن الاعتدال فضيلة من الفضائل الإنسانية الأساسية الملازمة لأصحاب الهمم العالية والأخلاق السامية وميزة من المميزات الحضارية التي تتحلى بها الأمم السوية وتتمسك بها وتسير عليها، لافتا إلى أن المجتمع الذي يسيطر عليه التطرف الديني أو التغريبي على مجريات الحياة فيه، فإنه سيفقد حقيقته ويضيع كيانه إما بالانعزال والانطواء والتخلف في حالة سيطرة التطرف الديني، وإما بالتفسخ والضياع في حالة سيطرة التطرف التغريبي وكلتا الحالتين أحلاهما مر.