حذرت الشرطة في الكثير من المناطق من التجاوزات أو التصرفات غير المسؤولة، وربما الطائشة، التي ترتكب خلال فعاليات اليوم الوطني، ما يتسبب في مضايقات للعائلات أو تخريب للممتلكات العامة والخاصة. وأقرت الجهات المختصة، ومن ضمنها شرطة المنطقة الشرقية خططها الرامية للحفاظ على استتباب الأمن خلال اليوم الوطني بجميع الساحات والمجمعات والأماكن السياحية والحدائق، وكذا الطرقات، تأهبا للحفاظ على الأمن والإبقاء على مظاهر الفرح الاعتيادية التي تكرس حب الوطن دون الخروج عن الأعراف والتقاليد المجتمعية. لكن إذا كان الأمر يختص بفرحة لكل الوطن، فلماذا يحاول البعض من الطائشين استغلال المناسبة لتمرير فرحة من نوع خاص، يوهمون الآخرين أن الفرحة يجب أن ترتقي للشوارع، من بوابة كل شيء مباح، فينتهكون الأعراف، ويتلاعبون بالتقاليد، ويدهسون القيم، متناسين أن الفرحة في الأعماق، وتكريس الفرحة بمزيد من الحفاظ على أمن البلاد، في إطار حقوق الوطن، الذي يحصلون منه على حقوق المواطنة، ويتحصلون منه على الكثير من المزايا من هنا نبحث عن إجابة عن السؤال البديهي، لماذا الخروج عن النمط في ليلة الوطن، وكيف نكرس المعنى الحقيقي ليوم الوطن بوعي في نفوس الأبناء، ليخرج الجيل الجديد ملما بتفاصيل الفرحة، وبمحاور الفخر، دون خروج عن النص، أو تخريب لأفراح الآخرين.. خرجت العام الماضي ثلة من الشباب، يحاولون تعكير الفرحة على الآخرين، واندسوا في الجموع المتلهفة لرفع شعار الوطن، وراحوا يزيفون الغرض، ويشوهون الهدف، قالوا إنهم في عرس، فلِمَ لا نحطم المقاعد التي يستند إليها رفاقهم، وزعموا أن اليوم عرس لهم؟، فلِمَ لا نفرغ كل طاقتنا في الهدم لا البناء، وادعوا أن اليوم عرس؟ فلِمَ لا نشيع غبار التخريب في سماء الوطن الآمن المطمئن بفضل من الله ثم بجهود رجال مخلصين يحملون هم الوطن ليل نهار؟. بدا العرس في موقع ما، لكن في الشرقية عاثت تلك الثلة فسادا، وتشويها، ليخرج العقلاء هذا العام، يتساءلون، أهكذا نحتفل بوطن يؤوينا وننتمي له، ولماذا الخروج عن النص، أهو خلل في قواميس التوجيه داخل بعض الأسر، أم تناسي الدور في التوجيه داخل تلك الأسر التي ينتمي لها بعض الطائشين، وهل الفرحة تتم بلا وعي أو تفكير، ليختلط الحابل بالنابل، والغبار يكتسي السيارات زاعمين أنه ليس بدعوى التغبير، بل التحفيز على الاحتفال؟. وجود أمني مدير شرطة المنطقة الشرقية اللواء سعد بن مصلح الثبيتي أكد أن الاحتفالات بهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا ستشهد وجودا أمنيا مكثفا من قِبل دوريات الأمن والمرور، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة تواصل العاملين بالميدان مع المراقبين بغرف العمليات الرئيسية لتحديد مواقع الاختناقات المرورية والطرق البديلة، وذلك من خلال ما يتم ملاحظته بواسطة كاميرات رصد الحركة وأنظمة التسجيل والمتابعة والتحرك بشكل سريع للعمل على سحب الحوادث والتعامل مع أي تجمع غير نظامي في حينه مع توجيه الحركة لضمان تسيير الطرق بشكل انسيابي، مبينا أن التغطية الأمنية ستشمل الأماكن السياحية والحدائق وأماكن التنزه والميادين العامة لتنظيم الحركة المرورية ولمنع أي تصرف قد يصاحب تلك الفعاليات وما يمكن حدوثه من تجاوزات أو بعض المظاهر المزعجة والتصرفات اللا مسؤولة من بعض الموجودين بتلك الفعاليات: «على الجميع الالتزام بالحدود المسموح بها في التعبير عن الفرحة بهذا اليوم الغالي واحترام خصوصيات الآخرين من الحضور من العائلات، وعدم مضايقتهم لنسعد جميعا باحتفالية مناسبة وجميلة بمستوى هذا الحدث الوطني. أين دور الاحتضان؟ وشدد رئيس التكافل الاجتماعي بإمارة المنطقة الشرقية غازي الشمري على أن: «اليوم الوطني مناسبة غالية لربط الشباب بدينهم وولاة أمرهم ووطنهم وثوابتهم، وفرصة لتذكر نعمة الله علينا من وحدة وترابط في ظل قيادة حكيمة، لا من أجل التفحيط أو الإزعاج والاختلاط والسفور والتقليد الأعمى للغرب، ولذلك أتمنى من الجهات ذات الاختصاص أن تهتم بذلك وتوعي الشباب وأن يكون دور الإعلام واضحا بذلك، ولا نريد أن نقع في الأخطاء السابقة نفسها من دون حب حقيقي للوطن، لا من أجل مسيرات فارغة همها الإزعاج وإيذاء الآخرين». لكن الشمري حمل المنشآت الرياضية ورؤساء الأندية السعودية المسؤولية المعنوية في طيش الشباب: «المسؤولية تتحملها الأندية السعودية ورؤساؤها على كل طيش، فأين دور الأندية الرياضية في خدمة الشباب في مثل هذه المناسبات وخصوصا مناسبة اليوم الوطني العزيزة على قلوبنا، أين يذهب أبناؤنا وفلذات أكبادنا؟ لماذا لا تنظم المسابقات الشعرية وتنظم أجمل كلمة للوطن؟ ولماذا لا تنظم المسابقات الرياضية في مثل هذا الاحتفال في عموم المنشآت الرياضية في المملكة، كأمسيات شعرية ومسرحيات هادفة وكلمات تربوية وندوات وغيرها ما يعود على الوطن بالفائدة، خصوصا أن أغلب الأندية السعودية تملك قنوات فضائية ولها قاعدة جماهيرية ولديها الإمكانيات الكبيرة التي تسعد وتفرح الشباب». وأشار الدكتور الشمري إلى أن مثل تلك الأحداث تتكرر كل سنة وحتى في فوز بعض الأندية وحتى المنتخب ولا أخفي الجميع أن سمعت البعض من المواطنين يتمنى ألا يفوز المنتخب حتى لا يحدث مثل تلك الأحداث، وتمنى أن تكون هناك لجنة وطنية عليا للاحتفالات الوطنية على مستوى المملكة تنبثق من خلالها عدة لجان منها مثل الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة التربية والتعليم ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والهيئة العليا للسياحة: «حتى نستثمر طاقات الشباب ونتذكر حق الوطن العظيم علينا، ووطن لا نحميه لا نستحق أن نعيش فيه». وطني مسؤوليتي ودفعت أحداث العام الماضي، إلى تبني حملة وطني مسؤوليتي، حيث لم تغب صورة التكسير والتخريب التي لحقت بالمحال التجارية في منطقة الخبر عن أذهان مجموعة من الشباب السعوديين، ما دعاهم إلى إطلاق الحملة لتوعية الشباب بطريقة التعبير المثالية في الفرح بعيدا عن الفوضى والعبث ومضايقة الآخرين. وأبان المسؤول عن الحملة مهدي هزازي أن الهدف نشر ثقافة الاحتفال بين الشباب: «سنخرج للميدان في اليوم الوطني ونسهم في عملية تنظيم الشباب والمواكب، وبدأنا بالخطوة الأولى مبكرا من خلال مراسلة الشباب عن طريق الإيميلات والمنتديات والمواقع الاجتماعية، وتعد هذه الحملة الأولى من نوعها التي تطلق متزامنة مع اليوم الوطني السعودي لحث الشباب على التغيير من طرق احتفالهم العشوائية والتخريبية، وعدم مضايقة العوائل في الأماكن العامة». ويشارك في الحملة 50 شابا متطوعا ينطلقون من كورنيش الخبر للمساعدة في عملية التنظيم ودعوة الشباب الموجودين في المكان إلى الاحتفال السلمي بطريقة ودية، والتبليغ حال رؤيتهم أي بوادر لعملية شغب. وحسب هزازي فإن الحملة تسعى إلى: «التنسيق مع إدارة المرور في شأن المساهمة في تنظيم الاحتفال، علاوة على تخصيص مسار لاحتفال الشباب في سياراتهم في مسيرات منظمة ومحددة مسبقا، لتكون أكثر ترتيبا وأكثر سهولة للمراقبة الأمنية لتحركات العابثين. وأوضح هزازي أن الحملة تهدف بمجملها إلى تعزيز الصورة الذهنية الإيجابية لدى النشء عن طرق الاحتفال بالمناسبات الوطنية بطريقة حضارية ودون إحداث أي ضرر بممتلكات الآخرين، وترسيخ أهمية مراعاة حقوق الآخرين وعدم مضايقتهم». المحرض الحقيقي ويرى الاختصاصي الاجتماعي محمد الشمري أهمية البحث عن المحرض الحقيقي وراء أي عمليات تخريبية في احتفالات اليوم الوطني: «أي حشد جماهيري غير منظم لا يضمن حركته ولا تحديد مساره، فقط ينقلب في لحظات في اتجاه آخر، ويجب تنظيم مسبق للاحتفال باليوم الوطني، وتحديد أماكن محددة بعيدا عن المحال التجارية لإقامة هذه الاحتفالات، كذلك تحديد الزمن الخاص بالاحتفال، وأن يكون هناك توعية وإرشاد بكيفية الاحتفال في البيت ووسائل الإعلام والمدارس والدعاة والمشايخ، وما صدر من تصرفات لا أخلاقية في احتفال اليوم الوطني في العام الماضي بسبب تراجع أدوار مؤسسات أساسية تقوم على غرس القيم والأخلاق السامية في نفوس شبابنا وفتياتنا مثل دور الأسرة التي تعد هي المؤسس الأول لغرس القيم الكريمة من رعاية الأبوين واهتمامهما المستمر، كما أن دور المؤسسات التعليمية وارتباطها المباشر بالأسرة، فلا نفع للتعليم والمعرفة بجيل يفتقد القيم والأخلاق في توفير بيئة مدرسية مثالية، وهناك دور الإعلام في تشكيل مفاهيم وسلوكيات الناس من خلال ما يبثه من أفلام ومشاهد وصور فلا نتناسى دور الفضائيات والإنترنت ودورهما الخطير في تأجيج مشاعر أبنائنا وبناتنا». ولاء مقلوب من جانب آخر، شدد عدد من الشباب على استهجان الذي استهجن التصرفات الطائشة من بعض الشباب في احتفالات اليوم الوطني من العام الماضي. تركي بن محمد الشمري عد التعبير عن حب الوطن والولاء له لا يكون بالتكسير والتخريب والتدمير، فهذه أمور مرفوضة لا يقرها الدين ولا الشرع ولا الأخلاقيات، ويجب احترام حقوق الآخرين، وان تنظم هذه الاحتفالات تحت ظل المؤسسات الحكومية ، ونطالب جميع الشباب باحترام الأنظمة». فيما طالب الشاب طلال العلي بتحديد مسارات الاحتفال باليوم الوطني وما المسموح وما الممنوع؟ وتساءل: هل طلاء السيارات باللون الأخضر مسموح أم مخالفة مرورية؟ .