أتساءل الآن: ما هو موقف فريق «طاش» بعد حملة حرق المصحف التي يقودها القس الأمريكي تيري جونز، فيما كانوا قدموا حلقة أظهرت قسا على أنه «كامل الأوصاف». إذا أردنا التصيد، فأمس فقط نشرت وكالات الأنباء عن انتهاكات جنسية بحق أطفال في كنيسة بلجيكية. ومثل هذه الأخبار أكثر من أن تحصى. ولست هنا في مقام انتقاد ديانة ما، حاشا لله. لكنني ضد الانتقائية الفجة التي نمارسها ضد أنفسنا، إذ غالبا ما تقدم أعمالنا المتدينين في قالب سلبي قاتم، فيما يكون «الآخر» أمثولة أخلاقية. والحق أن في جميع البشر، على اختلاف دياناتهم، خيرا أصيلا وشرا متأصلا. متدينا، وآخر يتلبس لبوس الدين لأغراض يسرها في نفسه. متطرفا ومعتدلا، ومن الظلم البيّن أن نأخذ السواد الأعظم بجريرة الواحد أو الاثنين أو العشرة. الآن، هل يمثل القس جونز كل القساوسة المسيحيين؟ قطعا كلا. تماما كما أن الأنموذج الذي قدمه «طاش» ليس كل القساوسة. هناك قساوسة صادقون يحفظون لكل ديانة قدرها ومكانتها، وهناك آخرون، قلة، غالون ومتعصبون ولا يختلفون كثيرا عن تيري جونز. في المقابل عندنا متدينون، قلة، غالون ومتعصبون، لكن هل يعني ذلك أن ينسحب رأينا فيهم على كل المتدينين؟ الملخص أن كل تعميم خطأ. ولست أدري لماذا يشدني موضوع حرق المصحف إلى الحديث عن «الهوية». قبل أيام كنت ومجموعة من الأصدقاء نسأل ما هي هوية كل منا؟ الإجابات جاءت متفاوتة: سعودية، عربية، إسلامية، وحتى لائكية. غير أن «الهوية» وفقا لأمين معلوف في كتابه الهويات القاتلة «لا تُعطى مرة واحدة وإلى الأبد إلى الفرد». الهوية أمر قابل للتغير مثلما أن الفرد «يميل بطبعه فيما يخص تعريف هويته إلى أكثر عناصر هويته عرضة للخطر». حين يتهدد خطر ما بلادنا فإن هويتي لا بد أن تكون وطنية قحة. في القضية الفلسطينية - الإسرائيلية فإن هويتي عربية. وحين يتحدث أحد ما عن حرق المصحف فإن هويتنا هنا لا بد وأن تكون إسلامية. ولا مجال أبدا لحالة التماهي. أقول ذلك، لأنني أحيانا أشعر بأننا لا نعبأ. أحداث كثيرة تضرب في هوياتنا فلا نحرك ساكنا وكأن الأمر لا يعنينا ما دام بعيدا عنا. أشياء كثيرة في رأسي، غير أن المساحة لا تسمح بالإسهاب. كل أملي أن تكون الفكرة وصلت كما ينبغي.