اختفت الكثير من العادات القديمة التي تميز احتفالات العيد في القنفذة والتي كانت تشكل مجموعة من القيم التي تعبر عن هوية المجتمع وفرصة للتجديد من روتين الحياة من خلال الأجواء الاحتفالية التي تميز فعاليات العيد. وقال الأديب الدكتور حمزة الشريف حول ذكريات العيد في القنفذة إن الأهالي كانوا يستعدون مبكرا للعيد بعمل جدول عمل لما يجب أن يتم: «كان هناك اهتمام كبير بزكاة الفطر التي تأتي على قمة جدولهم في التجهيزات لاحتفالات عيد الفطر، يلي ذلك البدء في خياطة وتطريز الثياب للرجال والصغار، وتجتهد الأسر بحسب قدراتها المادية في إتمام صنع أربعة ثياب لكي يتم لبسها خلال أيام العيد الأربعة». وأضاف أن الرجال كان يعمدون إلى تفصيل الثياب «المشقرة» التي تمتاز بوجود فتحات عريضة من الأسفل كي تجعل حركتهم سلسة أثناء تأدية الرقصات الشعبية في المساء، فيما يركز الصغار في ثيابهم على اللون الأبيض أو بقية الألوان كي تعطيهم طابعا مميزا في أيام العيد. وعن المأكولات العيدية في القنفذة ذكر الشريف أن الأهالي كانوا يعدون أكلات شعبية خاصة، كالهريس والشعيرية والعصيد، إضافة إلى اللقيمات التي لا تقدم إلا في وجبات الإفطار، ويعود السبب في ذلك إلى أن العادات كانت تقتضي تخصيص فترة الصباح للزيارة، أما المساء فللعب والرقصات الشعبية. ولفت الشريف إلى أن العيديات أو النقود التي كانت توزع على الأطفال في الصباح كانت تسمى «البخشيش» بحسب اللهجة المصرية، تتراوح ما بين قرشين إلى أربعة قروش، إلا أن هذه العادة تلاشت في الوقت الحاضر. وذكر أن هناك ألعابا خاصة للنساء وأخرى للرجال خلال العيد، فالنساء يلعبن «الشبربة»، وهي المراجيح، وكانت تدار من قِبل النساء في فترة العصر في بعض بيوت القنفذة، أما الرجال فيلعبون ب«المدريهة» وهي شبيهة بالمراجيح أيضا. وأشار الشريف إلى أن القنفذة اشتهرت خلال موسم العيد بعقد سلسلة من «عمليات الصلح» بين سكانها المتخاصمين من قِبل أعيان المدينة، كما كانت تقسم الزيارات على الجيران بحسب الأحياء، بحيث يخصص كل حي بيتا معينا يتم الاجتماع فيه في ليلة من ليالي العيد، ويليه بيت آخر، وفي كل عام يتغير المنزل بحسب ظروف المواطنين، وفي المساء يستعد المسنون والشبان والصغار لأداء رقصة المزمار التي اشتهرت بها القنفذة سابقا وحاضرا، إلى جانب الرقصات الشعبية الأخرى كالزيفة والربخة والعرضة.