بحسب ما ورد في صحيفة المدينة، أمس، فإن «أهم» مشكلة لاحظتها هيئة الرقابة والتحقيق خلال جولات تفتيشية على دوام الموظفين في دوائر حكومية، ليست التسيب ولا عدم الأهلية ولا حتى تعطيل المعاملات أو البطالة المقنعة. كلا كلا. هناك مشكلة أكبر وأعظم لم يكن أحد يلتفت إليها سابقا. ويبدو أنها سبب كل مشكلات الدوائر الحكومية؛ إنها ببساطة: عمال النظافة غير السعوديين! فقد حذرت هيئة الرقابة والتحقيق، بعد جولاتها الميمونة، موظفي الدولة من «ترك مكاتبهم مفتوحة لعمال النظافة دون رقابة»، الأمر الذي «يخالف تعميم وزارة الداخلية القاضي بعدم السماح لعمال النظافة غير السعوديين بالدخول إلى الإدارات الحكومية إلا تحت رقابة مسؤولة». والحق أن شر البلية ما يضحك. ولسبب ما يتبادر إلى ذهني الآن مثل مصري يقول «مقدرش ع الحمار قدر ع البردعة». ويبدو أن الزميل المراقب الذي أبدى هذه الملاحظة الوحيدة القيمة، ليس من النوع الذي «قدر الله عليه» بمراجعات لا تنتهي لهذه الدوائر، ومواجهات غالبا ما تنتهي بغليان مخيخ المراجع الذي يتوسل موظفا ما أو ينتظر آخر لم يداوم بعد، أو يقف أمام حجرة خاوية على عروشها إلا من مكاتب لا يُعرف على وجه التحديد أين المنسوبون الذين يفترض بهم الدوام على كراسيها. وبالمناسبة، لدي بيان أنا أيضا «أعزائي المراقبين. معاشر المحققين في دوام الموظفين. إن في السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا. ما فات مات. وكل موظف لم يداوم فلا تعتقدوا أنه في الطريق.. وآت. الأثر يدل على المسير. وعمال النظافة غير السعوديين ليسوا وحدهم، يا عالم، سبب التقصير». كثير من الموظفين الحكوميين، حتى أصغر واحد فيهم مرتبة، لديهم مرض نفسي اسمه «داء العظمة». تشعر أن أغلبهم يريد أن يقذف في وجهك كل مشكلاته العائلية والمادية وحتى تلك التي يجلبونها من مدرجات التشجيع. ويفترض بك أن تراعي مشاعر كل منهم حتى تنتهي معاملتك قبل أن يحين القرن المقبل. أتساءل كثيرا، لماذا لا توزع هيئة الرقابة والتحقيق صناديق للشكاوى والاعتراضات والملاحظات في كل دائرة، كما تفعل المؤسسات المحترمة. حينها فقط يمكن أن تكتشف المصائب الحاصلة وتحذر الموظفين وتصدر بيانات عن مشكلات حقيقية، لا يتم التطرق فيها إلى عمال النظافة وحاويات النفايات، التي لا يلاحظها المراجعون أبدا.