لم يكن الكونجرس العالمي للشباب الذي استضافته إسطنبول التركية، منذ أسابيع «31 يوليو 13 أغسطس»، جرس الإنذار الذي فتح أعين الشباب، لأهمية التمثيل الدولي، لتوصيل الصورة المشرفة عن السعودية، في الأوساط الشبابية. لكن الملتقى الذي لم يحضره سوى مندوب سعودي واحد، من جمعية شباب المستقبل، عكس قدرة الشباب على العمل، متى ما توافرت لهم الفرصة المناسبة. وتحت شعار ما اصطلح على تسميته «شباب من أجل التغيير»، تجمع أكثر من 16 شابا، قبل أكثر من ثلاثة أعوام، يمثلون قيادات الأركان للشباب، وزعوا عطاءهم بين الشرقية، المقر الأم، والرياض، والمدينة المنورة، وجدة. حيث حرصت المجموعة على أن يكون هدفهم تغيير الصورة النمطية التي حجبت النظرة الصحيحة عن دور الشباب السعودي في المساهمة الاجتماعية والوطنية. يرى الشباب الحريص على تغيير تلك الصورة، أن المشاركة في أنشطة المجتمع، وتسجيل حضور شبابي في جميع الفعاليات الوطنية، يسهم في الارتقاء بالفرد، واستقطاب الشباب لما فيه تطوير قدراتهم ورفع سقف مساهمتهم في البناء. الأنشطة والأعمال المستقبلية، هي السبيل الوحيد للوصول إلى الهدف العام. إلا أنه تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، حسب وصف نائب الرئيس فهد الفرحان: «سعينا في الجمعية تحت قيادة عبدالله السعد، لتنظيم كثير من الفعاليات، ونجحنا في الحملات، لأنها لا تتطلب موافقات رسمية، بل إطارا تطوعيا، إلا أننا عندما طلبنا موافقة على تنظيم بعض الفعاليات كالمعارض الشبابية على سبيل المثال، طالبونا بتوفير سجل تجاري، لإتاحة الفرصة لإطلاق هذا المجال، لكننا كشباب لا نستطيع توفير 300 ألف ريال قيمة السجل الذي تطلبه وزارة التجارة، لهذا الغرض، حاولنا معهم لغض النظر عن ذلك، لأننا مجموعة تطوعية، لا هدف ربحيا من وراء العمل، لكنهم تمسكوا بالعرف، وتمسكنا بالتطوع بعيدا عن برامج المعارض، وإن كنا نتحسر على تغييب هذا النشاط». تمثيل فردي قبل انطلاقة فعاليات الكونجرس الشبابي الدولي الخامس، قدمت الجمعية، أوراق عمل رغبة في المشاركة السعودية، والحضور السعودي، وبدأت الإجراءات تدور في فراغ المكاتب الإدارية: «قدمنا أوراق عمل، نالت الإعجاب من المنظمين للملتقى العالمي، وتجسد ذلك في الحرص على توجيه الدعوة، للحضور السعودي، لكن الجهات المختصة في الداخل لم تتفاعل بالشكل المطلوب، على الرغم من أنهم طلبوا الاستفسار عن الفعاليات، ووجدوا من القائمين في السفارة في إسطنبول التأييد على المشاركة، والرغبة في توسيعها». حاولت الجمعية اللجوء للجهات الخيرية، لإنقاذ الموقف، فبادرت مؤسسة العنود الخيرية، ممثلة في الداعم يوسف الحزيم، الذي دعمنا بتذكرة سفر، ونثرية، على استطاعة الجمعية، الأمر الذي يكرس مدى اقتناعه بأفكار الشباب، وحرصه على المشاركة والدعم، إلا أنه فيما عدا ذلك، وقف الدعم حائلا أمام مشاركة أوسع. مشاركة وتمثيل في إسطنبول، تجمع المئات من الشباب من كل دول العالم، لحضور فعاليات الكونجرس الشبابي الدولي الخامس، كان تعدادهم يفوق 1500 شاب، منهم ممثلون من العالم العربي مثل مصر والأردن والبحرين واليمن والسودان ودول شمال المغرب العربي، بينما التمثيل السعودي اقتصر على صاحب ورقة «لماذا يهاجرون»، وورقة «العمل الاجتماعي والتنموي الشبابي في المملكة»، المحكم والمستشار القانوني فهد الفرحان، بتمثيل المملكة: «حتى إن الحضور بدؤوا يتلفتون يمنة ويسرة، ويتحدثون عن الغياب غير المسبوق للوفود السعودية في مثل هذه الملتقيات، ويستغربون ضعف التمثيل السعودي، في المحفل الذي استضافته جامعة يلدز التركية». وأوضح الفرحان أن حفل الافتتاح اقتصر على تعارف بين المشاركين، بينما بدأت الاجتماعات وورش العمل حسب الجدول المعد في اليوم التالي، حيث أفرد الحيز الزمني لمناقشة المواضيع التي عدها المنظمون هاجسا مؤثرا في مستقبل الشباب العالمي، حسب التقسيم الجغرافي لهم، كما تم اختيار المواضيع المهمة التي تعد حديث الساعة في المجتمع الدولي الخامس: «اخترت أهم المواضيع التي تهم الشأن السعودي، وركز على تفعيل التنمية الشبابية، وأحمد الله أن وجدت الترحيب والإعجاب، من قِبل المنظمين بخصوص ورقة العمل المطروحة بعنوان لماذا يهاجرون، بالإضافة إلى ورقة العمل الاجتماعي، والتي حظيت بمناقشات عدة من ممثلي المنظمات العالمية، والخبراء المختصين في الاقتصاد والتنمية، وعكس الشباب لي إعجابهم الشديد بما بادرت به في السعودية من إنجازات على صعيد الشباب، والدعم المعنوي والمادي للمشاريع الشبابية الصغيرة». وأشار إلى أنه: «أوضحت لهم حرص خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة على الأجيال الشابة، وما اتخذه من قرار إيقاف التنقيب عن البترول، لادخاره للأجيال المقبلة، وما تقوم به الدولة من دعم للشباب من خلال المنح الدراسية في الخارج، وما تخطط له القيادة لمستقبلهم الواعد». ووجد الفرحان بصفته الممثل السعودي الوحيد في هذا الكونجرس، كل الدعم والتأييد، الذي دام منذ الكونجرس الأول وحتى الأخير: «لكنهم في كل مرة كانوا يتغامزون عن السر في ضعف التمثيل السعودي في هذا المحفل، خصوصا أن الدول العربية تشارك بوفود منظمة». اختلاف العرب وفيما يخص اجتماعات الحضور الشبابي العربي في الكونجرس في اليوم الرابع من الملتقى، عقد الاجتماع الأول لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: «للأسف لم يكن يمثل الحرفية التي قدمتها الوفود الأخرى، حيث عاب عليه عدم التنظيم، وظهرت أصداء الانقسام، وتضارب الآراء إلى الإعلام، من خلال مجموعة من الإعلاميين الأتراك والروس، الذين غادروا الاجتماع متهكمين ومندهشين لما شاهدوه، ليتم تناول ذلك انتقادا عبر الصحيفة اليومية للكونجرس، وبعض الصحف الشبابية التركية وبعض صفحات الفيس بوك، والتي حملت عناوين أبرزها «هل يستطيع الشباب العربي التغيير»؟!، وأعتقد أنهم استغلوا تصرفات بعض الحضور لكي يستشهدوا بها على صدق ما يرونه». لكن هذه الخطوة حسب الفرحان: «دفعت المشاركين العرب في اليوم التالي للإسراع بالتنظيم، لمحو الصورة السلبية عنهم في الاجتماع الأول، حيث طالبوا باعتذار رسمي من قِبل الصحيفة للشباب العربي، لكن المؤسف أن الاجتماعات العربية التي عقدت لاحقا بحضور منسقي اليونيسكو، لوحظ فيها تقلص أعداد الحضور العربي، لانشغالهم بالسياحة والترفيه متناسين دورهم الريادي في مثل هذه المواضع المهمة». وقبل الختام، عدلت صحيفة الكونجرس النظرة للشباب العربي، بعدما أثروا المناقشات الحوارية، بتوضيح الصورة الحقيقية عن المشكلات التي تعانيها دول الشرق الأوسط، إلا أنه مع الحفل الختامي، كان الإحراج، حسب قول الفرحان: «كانت هناك مسيرة كبيرة للشباب العالمي في شارع الاستقلال أو ما يعرف بتقسيم، حيث رفع فيها الشباب المشارك أعلام دولهم، وحظيت بهذا الشرف وحيدا، في حفل حضره وزير الشباب التركي، وبعدما عاد الجميع لمقر كونجرس الشباب، تم توزيع الشهادات على الحضور، لكنهم تناسوا اسم ممثل السعودية، دون معرفة بالتفاصيل، أو ربما لعدم قناعتهم بالتمثيل الفردي في تلك التجمعات». غياب التنظيم ويتعجب الفرحان لغياب التنظيم المسبق في السعودية، للمشاركة في مثل هذه الملتقيات: «كان من الممكن استثمار هذا الحدث الدولي، بتمثيل شبابي سعودي منظم يقدم صورة مشرقة تعكس النهضة السعودية، لقد خرج المشاركون الشباب العرب بمجموعة توصيات إلى المؤتمر المزمع عقده في المكسيك، فيما كانت أطروحاتنا واقعية للقضايا الاستراتيجية التي تمثل الهاجس العربي والإقليمي، وتهدد مستقبل جيل الشباب العربي الواعد مثل التسلح النووي، ونقص المياه والتلوث البيئي وجميع قضايا وهموم المنطقة، وأعتقد أن الصورة التي ظهرت بها المشاركة السعودية خصوصا والعربية عموما، يجب تغييرها مسبقا لحضور الكونجرس الدولي السادس للشباب القادم في البرازيل، الذي يقام في نهاية عام 2012، وأتمنى ألا تتكرر مثل هذه المأساة العربية، وأن يكون الحضور العربي والخليجي أكثر تنظيما وتنسيقا». أمنيات المشاركة لكن الفرحان لا يزال يحلم بأن يكون المرشحون للمشاركة على مستوى أكاديمي عالٍ من حيث تقديم البحوث والدراسات التنموية الشبابية، أو الاستعانة بشخص ذي خبرة في هذا المجال الشبابي التنموي بشكل تطوعي: «أتمنى أن يكون هناك اهتمام من الوزارات المعنية، أو الجهة المختصة على تشكيل أي وفد شبابي سعودي يشارك في مثل هذه المؤتمرات الشبابية الدولية، بتنسيق مع الجهات المهتمة بالأمر، ويستحسن أن يشكل الوفد من ذكور وإناث لعكس مفهوم العدالة والمساواة بين الجنسين، وأن تحرص الجهات المعنية بالأمر على الانتقاء والتنويع المدروس في اختيار الشباب المشارك، أو أن تشكل فريقا شبابيا واحدا يكون هو المعتمد لمثل هذه المنتديات والمؤتمرات، والتنسيق مع باقي دول الخليج العربي لتوحيد المواقف والطرح للأفكار الجوهرية بشكل موحد». شروط الترشيح لكن المستشار القانوني يرى أهمية فتح باب الترشيح للدراسات والبحوث حول قضايا الشباب التنموية، ورصد النتائج الإيجابية عما تم إنجازه من مشاريع شبابية تنموية في السعودية: «هذا ما تقوم به بعض دول العالم العربي، ذات الموازنة المحدودة في هذا المجال، فلم لا نتميز فيه نحن كدولة ذات قدرة شبابية ومادية