في لندن، وتحديدا في شارع «ادجوار رود» المسمى بشارع العرب، يقف الطالب المبتعث عادل الزهراني على حافة الشارع ليسمع الأصوات المختلطة ما بين طالبي وجبات الإفطار ومرتادي المقاهي وقراء الصحف والمجلات وسط صخب المارة والمنتظرين للحافلات اللندنية الشهيرة بلونها الأحمر. يقول الزهراني «تظهر معالم الشهر الفضيل في أنواع الحلويات الشرقية ورائحة المأكولات الرمضانية المتشكلة من جميع أنحاء العالم العربي، التي تعرض في شارع العرب». ويضيف «البائعون العرب استطاعوا أن يخلقوا ذلك الجو الذي يذكرنا بديارنا من خلال ترديدهم عبارات الثناء على بضائعهم». ويشير الزهراني «ما إن يحل موعد الإفطار حتى يلتقي الطلاب السعوديون المبتعثون في جماعات على سفرة قد أعدوها مسبقا في مقر سكنهم لهذه المناسبة وتستمر لمدة 30 يوما يكون فيها جدول للمناوبة ما بين الطلاب في إعداد السفرة، في حين يكون الطلاب الجدد هم الضيوف في الأيام الأولى». ولا يخفي الزهراني معاناته مع تغير الأوقات: «أحيانا يكون إفطارنا هو سحورنا في ظل عدم وجود مطاعم أو محال بيع الموائد الغذائية بعد العاشرة مساء، «ما يجعلنا نوفر شيئا من وجبة الإفطار لتناولها في وقت لاحق من اليوم كوجبة سحور». ويؤكد الزهراني أن الجو الأسري الذي يعيشه مع الطلاب السعوديين قد خفف عليه أوجاع الغربة عن وطنه وأهله، مشيرا إلى أن الطلاب السعوديين في بريطانيا وخصوصا مدينة نوريتش «متكاتفون ويحبون تقديم الخدمات إلى بعضهم ويسعون لإظهار صورة مشرقة للمملكة العربية السعودية هناك». عبدالله بن أحمد، المبتعث لدراسة بكالوريوس التجارة الإلكترونية، ينتظر موعد الإفطار بترقب كبير، ذاكرا «أن وقت الصيام في لندن والذي يزيد على وطنه بأكثر من ساعتين، يزيد من تعب الصيام». وعن تجربة الصيام الأولى يوضح عبدالله «لابد أن يختلف الصوم هنا عن الصوم مع العائلة في مدينة جدة، لكننا بالموائد الجماعية التي نحرص على إقامتها نحن طلاب الجامعات هنا، نعيش أجواء حميمية رمضان ونستطيع أن ننسى الغربة وفراق «السمبوسة». عبدالله أكد أن المجتمع الإنجليزي يتقبل قيامهم كطلاب مسلمين لفريضة الصوم ب: «سرور وإعجاب كبيرين»، وأضاف أن سفرة الإفطار كثيرا ما يتخللها المواقف الطريفة، كالطبخات التي يفشل بعض الطلاب في إنجازها كما يجب. من جهة أخرى يرى سلمان العنزي المبتعث لدراسة الماجستير في هندسة البرمجيات بلندن أن بلدا مثل بريطانيا يتمتع بحرية الرأي والدين، لا يمكن أن يتضايق فيه المسلمون لأداء فريضة الصوم بكل أريحية. وعن المطاعم التي يمكن أن يوفروا منها وجبات إفطارهم قال سلمان إن بعض الشوارع تطغى فيها مطاعم ومحال اللحم الحلال على غيرها، «لدرجة أن بعض البريطانيين من غير المسلمين أصبحوا يترددون عليها كثيرا ليأكلوا منها» .