الشيخ عبدالله بن جبرين علم من الأعلام الفقهية والدعوية التي قضت عمرها في خدمة العقيدة وتوجيه العباد إلى منهج السلف الصالح والتزام الكتاب والسنة، بعد أن من الله عليه بفتوحات مباركة لأبواب العلم، فكان أحد البحور الواسعة والأركان العتيدة، ولد في بلدة محيرقة إحدى قرى القويعية، ونشأ في وسط ديني بدأ معه تعليمه باكرا، وأتقن القرآن وسنه 12 عاما، وتعلم الكتابة وقواعد الإملاء، ثم ابتدأ في الحفظ وأكمله وقرأه على عدد من الشيوخ، وقرأ كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، وقرأ في الفقه الحنبلي وكذا في كتب أخرى في الأدب والتاريخ والتراجم، واستمر على ذلك إلى أن انتقل إلى الرياض وانتظم طالبا في معهد إمام الدعوة العلمي فحصل على الشهادة الثانوية 1377ه، وكان ترتيبه الثاني بين الطلاب الناجحين، ثم انتظم في القسم العالي في المعهد ومنح الشهادة الجامعية في عام 1381ه، وكان ترتيبه الأول بين الطلاب الناجحين، وكان قد بدأ في طلب العلم منذ العام 1359ه، ثم حصل على شهادة الماجستير في عام 1390ه والدكتوراه في الفقه وأصوله في عام 1407ه. كان الشيخ الراحل غزير العلم، موفور العقل، واسع الحافظة، أثرى المكتبة الدينية بمنجزات عظيمة في مختلف فروع الفقه والعلم الشرعي، فأنجز: «أخبار الآحاد في الحديث النبوي» رسالة ماجستير، «شرح الزركشي على مختصر الخرقي» رسالة دكتوراه، «التدخين مادته وحكمه في الإسلام»، «الجواب الفائق في الرد على مبدل الحقائق»، «الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما»، «البدع المنتشرة لدى الحجاج والمعتمرين»، «حقيقة الحجاب والغيرة على الأعراض»، «حوار حول الاعتكاف»، «الإسلام بين الإفراط والتفريط»، وغيرها من المصنفات التي وصل عددها إلى نحو 70 كتابا. وقد نهج الشيخ الراحل منهج السابقين في تدريس كتب العقيدة السلفية، فقرأ عليه التلاميذ كثيرا من كتب العقائد المختصرة والمبسوطة؛ كشروح الواسطية للهراس ولابن سلمان ولابن رشيد، وشرح الطحاوية، ولمعة الاعتقاد، وشروح كتاب التوحيد، وكذا الكتب المبسوطة لشيخ الإسلام وابن القيم وحافظ الحكمي. وكان في جامعة الإمام محمد بن سعود، يدرس كتب العقيدة ويشرف على البحوث والرسائل ويشترك في مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه ويرشد الطلاب إلى المراجع المفيدة في الموضوع، وكان شديد العناية بالأدلة والتعليلات، وله معرفة تامة بالمعاملات المتجددة ويتوسع في الكلام حولها، وقد استفاد منه كثير من طلابه الذين أخذوا عنه كثيرا من أسلوبه في الشرح والتيسير والإفهام. وظل الشيخ داعية إلى أن لقي ربه ظهر الاثنين 13 يوليو 2009، عن عمر يناهز 77 عاما في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، ونعاه الديوان الملكي في بيان، وتمت الصلاة عليه بجامع الإمام تركي بن عبدالله.