اليوم هو الأخير ل «بلاك بيري ماسنجر».. ابتداء من الغد سيتحول الجهاز الأنيق الذي يسمى «بي بي» إلى مجرد جهاز لا يميزه عن غيره سوى الوصول إلى الإنترنت بسهولة ويسر، وإن كانت معظم الأجهزة الأخرى مزودة بذلك.. الشباب يرون أن عملية الإيقاف جاءت في وقت غير مناسب؛ فالإجازة الصيفية لم يمض منها سوى أسابيع بسيطة والتواصل عبر الخدمة الموقوفة هو هدف اجتماعي من شأنه تقريب وجهات النظر وتوجيه الرؤى والأفكار.. رغم ذلك بدأ البعض منهم في إيجاد بدائل للإبقاء على الود الإلكتروني بين المجموعات، فيما يرى المسؤولون أن الشركات هي المتضرر الأكبر وعليها العمل على إيجاد خدمات إضافية لكسب مشتركيها. وأكد المدير التنفيذي لشركة مبادرات الإنترنت الوطنية المهندس رشيد محمد البلاع أنه من حق هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات إيقاف خدمة «البلاك بيري»، مشيرا إلى أن هناك خدمات بديلة كثيرة جدا، ويمكن استخدام عشرات المواقع والخدمات والبرامج ل «الماسنجر» و»الإيميل» وغيرها دون الاحتياج ل «البلاك بيري». واستبعد تحول «مدمني بلاكبيري ماسنجر» للرسائل النصية القصيرة: «ستثقل ميزانياتهم، ورغم أن خدمة «البلاك بيري ماسنجر» شبيهة بالرسائل لكنها لا ترسل عن طريق الشبكات، بل عن طريق خط الداتا أو الإنترنت». وأضاف أن هناك عشرات البرامج تعمل على «البلاك بيري» تؤدي نفس الغرض ومن شأنها بناء صداقات وتواصل مع الآخرين، كما هي خدمة الماسنجر. «الاتصالات» ستتضرر وأكد عضو مجلس الإدارة ورئيس شركة ومد لخدمات تقنية المعلومات راشد المقيط تأثر عمل «الاتصالات» عند إيقاف خدمة «البلاك بيري ماسنجر»: «سيتأثر عمل «الاتصالات» بطريقة أو بأخرى؛ لأنها المستفيدة منه»، وتوقع المقيط ألا يتوقف «البلاك بيري» بالكامل؛ لأن خدمة الإيميل ستستمر. وبرر إدمان الشباب المحادثة عبر البلاك بيري لسهولة التواصل، مشيرا إلى أن شركات الاتصالات ستنفقد جزءا من عائداتها بسبب قرار الإيقاف،: «رغم ذلك ستعمل الشركات على إيجاد خدمات بديلة؛ ما سيخفض من تعلق الشباب بالخدمة الموقوفة». وأشار إلى أن الرسائل لن تكون بديلا للماسنجر: «لن تعمل بنفس الكفاءة لكن قد تكون أحد الحلول في حال قدمت الشركات عروضا مغرية للمشتركين». فجوة افتراضية وأشار عضو هيئة التدريس بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور عبدالرحمن النملة إلى أن خدمات «البلاك بيري» أثرت في التواصل الاجتماعي بين أفراد الأسرة الواحدة وأوجدت تواصلا افتراضيا غير واقعي: «انعكست سلبا على المهارات والعلاقات الاجتماعية، حتى إن الفرد أصبح يصل رحمه بواسطة هذه الخدمات دون التواصل المباشر وهو ما أعطى فهما مغلوطا عن كيفية التواصل والآلية التي يجب أن تتم بها». وألمح إلى أن هذه الخدمات وجدت رواجا كبيرا في الغرب كون مجتمعاتهم تختلف كليا عنا فهم لا يؤمنون بأهمية التواصل الاجتماعي الذي أوصت به الشريعة الإسلامية لذلك يلجؤون أحيانا إلى التواصل عبر التقنيات الحديثة التي تسهل لهم آلية التعارف والتواصل مثل «البلاك بيري، و «الفيس بوك» وغيرها من الخدمات الإلكترونية، موضحا أن هذا النوع من التواصل يعزز العزلة. ويشير الدكتور النملة إلى أن الشباب وأسرهم سيستفيدون من عملية الإيقاف: «ستعود الأمور كما كانت عليه ويتعود الشاب على العلاقات الاجتماعية الحقيقية الواقعية بعيدا عن المراسلات التي أوجدت نوعا من العزلة وسببت فجوة بين أفراد الأسرة في المنزل الواحد، حيث يجلس الشخص مع أسرته وهو منشغل مع عالمه الآخر، متجاهلا أن علاقاتنا الاجتماعية تحتاج إلى مهارات معينة وإلى لغة جسد والحوارية، وكل هذه الاشياء لا توجد في التراسل الإلكتروني». قطع الصداقات وأبدى الشاب محمد العتيق حزنه على إيقاف الخدمة التي تؤنس وحدته: «ليس بالسهولة تقبل هذا الأمر والأدهي والأمر أنه جاء دون مقدمات، الصداقات التي كونتها خلال أشهر مضت سأفقدها فليس لي قدرة على التواصل معهم هاتفيا، حزين لأني سأفقد أصدقائي الذين كنت أرتبط بهم مباشرة ونتبادل الحديث في كل وقت من ضمنهم أصدقاء في أمريكا وكندا وغيرهما من الدول في مختلف أنحاء العالم». وأشار العتيق إلى أنه غير مقتنع بالأسباب التي دعت هيئة الاتصالات لإيقاف الخدمة: «آمل أن يحل الأمر اليوم وقبيل إيقاف الخدمة رسميا، ونطالب بإيجاد بديل عاجل يعوضنا عن الخسائر التي تكبدناها». عودة للعزلة وربطت ندى اليوسف إيقاف الخدمة بإيقاف الضحك، وتؤكد أنه لن يكون بمقدورها تبادل النكات مع صديقاتها بعد اليوم، مشيرة إلى أنها ظلت خلال الفترة الماضية على اتصال ولا تعلم كيف ستتواصل مع صديقاتها بعد ذلك: «كنت أجلس على ماسنجر المحادثات على مدار الساعة أدردش مع زميلات الدراسة وأستغل جميع أوقات الانتظار في تقليب الرسائل وقراءة آخر النكات والشائعات والموضة حتى أخبار التعازي والأفراح كنت أقرؤها، حتما سأشعر بالوحدة إذا أوقفت الخدمة وسأعود إلى العزلة والانطواء بعد أن أصبحت وزميلاتي على تواصل وتقارب نفسي واجتماعي». لا مخاطر وأكد طالب كلية الطب محمد الحسنان أن قرار الإيقاف جاء في وقت غير مناسب لمعظم الشباب: «نحن في بداية الإجازة ولدينا وقت كبير من الفراغ كنا نقضيه في التواصل فيما بيننا، شخصيا أخالف كل من يروج لمخاطر هذه الخدمات فهي أفادتني كثيرا في مذاكرتي وتبادل المواد والمناقشات العملية مع زملائي، البلاك بيري قوَّى علاقتي بزملاء الدراسة وجعلنا نعمل سويا فريقا واحدا همه تحقيق النجاح والتفوق». البديل جاهز البحث عن البديل الأنسب هو ما يشعل بال الشاب سلطان المبارك وأصدقاؤه، حيث سلموا بقرار الإيقاف وأكدوا أنهم متقبلون للأمر، خصوصا أن الدافع أمني: «بدأنا نتواصل ونتراسل عبر البريد الإلكتروني وماسنجر الكمبيوتر حتى نحافظ على صداقاتنا ولا نفقدها بعد الإيقاف، وكلنا أمل في حل هذه الإشكالية وإعادة الخدمة مجددا»