أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن المملكة التي رحبت بقيام رابطة العالم الإسلامي على أرضها، لتعتز بالنهج الإسلامي الذي تسير عليه في تطبيق الإسلام ودعوة المسلمين إلى التضامن والتعاون والوحدة، ودعوة علمائهم لبذل الجهد المطلوب لتحقيق آمال المسلمين في إصلاح شأنهم، ووحدة صفهم واستعادة عزتهم. وشدد في كلمته التي ألقاها نيابة عنه النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز في افتتاح المؤتمر الإسلامي العالمي الذي تنظمه الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي في قصر الضيافة بمكةالمكرمة بمناسبة مرور 50 عاما على إنشاء الرابطة بعنوان «رابطة العالم الإسلامي.. الواقع واستشراف المستقبل» أمس، على أن المملكة وضعت منذ قيامها وحدة المسلمين في أولويات اهتماماتها، حيث أطلق مؤسسها والدنا الملك عبدالعزيز رحمه الله كلمته المشهودة: « أنا مسلم، وأحب جمع الكلمة وتوحيد الصف، وليس هناك ما هو أحب إلي من تحقيق الوحدة». وبين خادم الحرمين الشريفين ان هذا كان منطلقه رحمه الله في دعوة علماء الأمة للاجتماع في مؤتمر مكةالمكرمة الأول، قبل 86 عاما، وذلك في عام 1345، وقد خاطب طيب الله ثراه العلماء بكلمات عرض فيها رؤيته في أوضاع الأمة، ولخص النهج الذي يجب أن تكون عليه فقال: « إنني أرجو من المسلمين أن يرجعوا إلى كتاب الله وسنة رسول الله، وهذا هو ديننا، وهذا هو معتقدنا، إن التفرقة أول التدهور والانعزال، بل هي العدو الأكبر للنفوس والغاوية للبشر، والاتحاد والتضامن أساس، فيجب على المسلمين أن يحذروا التفرقة وأن يصلحوا ذات بينهم». وأوضح أن المملكة متمسكة بهذا النهج، فهي تحرص على تطبيق شرع الله، وتبذل جهودا متواصلة في خدمة دينه، وفي تحقيق تعاون المسلمين وتضامنهم، ومع هذا النهج تلتقي رابطة العالم الإسلامي بأهدافها ووسائلها وخططها وأعمالها، وحق لها بذلك أن تكون ممثلة لشعوب الأمة الإسلامية، وأن تتبوأ مكانة مرموقة بين المنظمات الدولية، جعلت هيئة الأممالمتحدة تمنحها شهادة رسول السلام. ورحب خادم الحرمين الشريفين بضيوف المؤتمر: «أرحب بكم وأنتم تجتمعون بجوار بيت الله الحرام في أم القرى، مهبط الوحي ومنطلق رسالة الإسلام، وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم في هذا اللقاء الإسلامي الكبير الذي دعت إليه رابطة العالم الإسلامي، للنظر في واقعها، والتشاور حول برامجها، واستشراف مستقبلها، وذلك بعد مرور 50 عاما على إنشائها وانطلاقها من هذا البلد الأمين في أنبل مسعى، تخدم به رسالة الإسلام، وتنشر مبادئه العظيمة، وتتابع شؤون المسلمين في كل مكان». وقال: «لقد سرّنا ما تقوم به الرابطة من أعمال أسهمت في علاج مشكلات المسلمين، وتوحيد كلمتهم، ونشر الصورة الصحيحة عن الإسلام، وتصديها للآفات التي تسللت إلى بعض المجتمعات الإسلامية، ومن أخطرها الغلو في الدين والتطرف والإرهاب، حيث قدمت في كل ذلك جهودا مشهودة ومشكورة، إلى جانب ما قدمته للإنسانية عن طريق الحوار من مبادئ ومفاهيم إسلامية، لتعزيز التفاهم والتعاون بين شعوب العالم». وأضاف: «إن ثقتنا بكم وبالرابطة تجعلنا نضع أمامكم، وأنتم تبحثون في قضايا الأمة، ثلاث قضايا: الأولى: عدم فهم الإسلام على حقيقته عند البعض ما أدى بهم إلى الجنوح والانحراف عن وسطيته، وهذا أوجد تحديات خطيرة ينبغي مواجهتها بالحكمة والمعرفة والمناصحة ونشر ثقافة الوسطية بين الناس، والثانية: البعد عن النهج الذي اختاره الله للمسلمين، ما أضعف مقاومة الأمة للتحديات، فتجرأ عليها الأعداء وعمدوا إلى المساس بشعائرها ومقدساتها وقد كفل الله سبحانه وتعالى للمسلمين، التمكين إذا أطاعوه، والثالثة: تفرق الأمة، وهذا تحد لا بد من مشاركة علماء الأمة في علاجه، بتآلف القلوب أولا، وبجمع الناس على الاعتصام بحبل الله ودينه». وتابع خادم الحرمين الشريفين: « إن الأمل معقود عليكم أن تتأملوا وأنتم تستشرفون مستقبل أعمال الرابطة وطموحاتها، مواضع الخلل في حياة المسلمين، وأن تضعوا منهاجا إسلاميا شاملا للإصلاح إصلاح علاقة الناس بالله سبحانه وتعالى وإصلاح أوضاع المسلمين، وعلاج المشكلات التي يعانونها، والإسهام في إصلاح شأن هذا العالم وتوطيد السلام والأمن لشعوبه، فالإسلام رسالة الله إلى العالمين». وشكر الملك المشاركين ورابطة العالم الإسلامي على ما تبذله من جهود إسلامية وإنسانية: «وأؤكد لكم أن المملكة ستواصل دعم الرابطة ومساندة برامجها، وأدعو الله أن يكتب لكم التوفيق والنجاح في هذا المؤتمر». بعد ذلك كرم النائب الثاني ملوك المملكة العربية السعودية، حيث تسلم أمير منطقة الباحة الأمير محمد بن سعود بن عبدالعزيز درعا تذكارية بهذه المناسبة. كما سلم الأمير نايف بن عبدالعزيز دروعا تذكارية بهذه المناسبة لعدد من الشخصيات الإسلامية والأمناء السابقين للرابطة. كما قدم الأمين العام للرابطة درعا تذكارية بهذه المناسبة للنائب الثاني .