أحد المسؤولين في وزارة العمل كان يتحدث لقناة الإخبارية، وبمجرد أن تراه يتبادر لذهنك فورا المثل القائل يكاد المريب يقول خذوني، وتدرك أن بعض منسوبي وزارة العمل تحولت مهمتهم من محاولة حل مشكلة البطالة إلى جمع التبريرات الممكنة للدفاع عن سيل البطالة الجارف الذي يزداد هديره كل يوم أكثر من قبله. مسؤول وزارة العمل مع كامل احترامي له وتقديري لم يكن مقنعا في الكثير من أوقات البرنامج التي قضاها للدفاع عن البطالة. وتستغرب كيف رجل بحجمه من المفترض أن يكون ملما بكل تفاصيل المشكلة وخفاياها يتحدث بطريقة تكاد تنبئ بأنه غير قريب من الواقع، وهذه هي مشكلة البطالة في بلدنا أن الكثير ممن يتحدثون عنها غير قريبين من ميدانها الحقيقي. كان الرجل يتحدث عن أمثلة فردية، فيقول إن أصحاب المدارس الأهلية في اجتماعهم معه اشتكوا إليه أن المدرس السعودي يتركهم في نصف الطريق عندما يصدر قرار تعيينه في وزارة التربية والتعليم، يتحدث وهو مقتنع اقتناعا تاما بحجتهم، بينما الحقيقة التي يقولها ميدان المشكلة عكس ذلك، فالمعلمة السعودية في الكثير من المدارس الأهلية تعاني الأمرين، وبعض تجار المدارس الأهلية أو أصحابها يقومون بإلغاء عقد المعلمة أو تجديده كل سنة حتى لا يصبح لها حق في الضمان الاجتماعي، ما يجبرها على الانتقال لمدرسة أهلية أخرى وهكذا تمضي أعوام عمرها غير قادرة على الشعور بالاستقرار. السؤال الذي يتبادر لذهنك فور أن تشاهد ذلك الحوار الذي كان يحاول الضيف أن يبدو فيه متفهما لكل رأي واقتراح من الآخرين، تستغرب - وهو يبدو بهذه الأريحية والتفهم - كيف فاته أن يترك الاستماع للطرف الآخر، فما الذي يضيره أن يجتمع بالمدرسين في المدارس الأهلية للاستماع لمشكلاتهم والتأكد من مصداقية العذر الذي قبله وصدقه مع أنه ينافي الواقع تماما والذي مرره عليه بعض أصحاب المدارس الأهلية، الشاب السعودي لم يعد ذلك الذي يرفض العمل أيا كان الأجر، متى تغير وزارة العمل فكرتها عنه؟!