جرب أن تكتب كلمة «احذر» وتضعها في أحد محركات البحث المعلوماتية، فسرعان ما تكتشف أن كل شيء يحيط بك أصبح الآن سببا لأمراض خطيرة، أو على أقل تقدير لمرض تعجز عن النطق به للمرة الأولى! فلقد زاد انتشار تلك النصائح الصحية التي تحذر من بعض العادات التي اعتاد الناس على ممارستها على مدى أجيال طويلة، ولا أعلم من أين يستقي مصدرو هذه النصائح معلوماتهم المهمة والخطيرة، فغالبا ما تسمع شخصا ما يحذر من أكل الفاكهة قبل تناول الطعام أو شرب الشاي- سواء الأخضر أو الأحمر- أو النوم بعد تناول الطعام، أو شرب المشروبات الغازية أو الماء أو العصير أثناء تناول الطعام، وزاد استغرابي حين قرأت مؤخرا تحذيرا من المشي بعد الأكل! وأغلب هذه النصائح الصحية تسرد قائمة طويلة من التحذيرات والممنوعات، إلا أنها تنسى أن تذكر الحل! فما الذي يجب علينا فعله إذن قبل أن نأكل؟ وبعد أن نأكل؟ وماذا نأكل؟ وما الشراب الذي ينبغي علينا أن ندفع به اللقمة العالقة؟ إن كل نصيحة من تلك النصائح العجيبة التي تزيد مصداقيتها– في نظر البعض- كلما كانت بلغة أجنبية، تطرح سؤالا بديهيا في عقولنا، فبمجرد أن نقرأ تحذيرا جديدا تقفز العيون بسرعة بين الأسطر باحثة عن الحل، حتى تحولت المسألة لهوس ازداد تضخما مع الوقت، لنظل نلاحق نصيحة تلو الأخرى أملا في العثور على دواء يشفينا من وهم المرض! وتزيد المشكلة تطورا حين يصر بعضهم- والذي أصبح خبيرا مختصا في مجال التغذية- على تحذير من حوله ونصحهم حتى دون أن يشتكوا له من علة باطنية. ولأنه بات من السهل جدا على الجميع تقديم النصائح والتحذيرات، فالحذر من قراءة التحذيرات وخاصة الصحية منها يشبه ما قاله الكاتب الساخر مارك توين: «احذر من قراءة كتب الصحة، فقد تموت من سوء الطباعة».