أكثر من نصف قرن وباعة فاكهة الطائف، أو كما يسميها الكثيرون «بلد السماء» يصمدون في وجه جميع المتغيرات، ويورثون مهنتهم الصيفية إلى أحفادهم وأبنائهم، فتجد كثيرا من سكان منطقة الهدا ينفضون الغبار عن بضائعهم مع دخول الصيف وحلول الإجازة الصيفية، حيث يكثر السياح والمتنزهون بالمصيف الأول، وتشهد المنطقة حركة دؤوبة طيلة الإجازة الصيفية، ويتم من خلال هذه البسطات تصريف كميات كبيرة من الإنتاج الموسمي للفواكه الطائفية، مثل التفاح البجلي والتفاح القرشي والتين الشوكي والرمان والخوخ والحماط والورد، وغيرها من المحاصيل الزراعية. وأكد عدد من أصحاب هذه المباسط أنهم يزاولون هذه المهنة منذ أكثر من 50 عاما، حيث يتوارثها الأجيال، خاصة في فترة الصيف، مشيرين إلى أن هذه المهنة مرت بالعديد من المتغيرات والأحداث، إلا أنها لا تزال صامدة في شاهقات الهدا. يقول صالح الحساني «44 عاما»: إنه منذ نعومة أظفاره كان والده الذي يقتني إحدى المباسط في بداية طريق الكر السياحي يصطحبه إلى بسطة الفواكه، حيث علمني من خلال هذه المهنة الصبر وكيفية التعامل مع الآخرين، ومقابلة الزبون بالوجه البشوش الضاحك، مشيرا إلى أن «هذه المباسط التي تزيد على 25 مبسطا لها أكثر من نصف قرن، نبيع فيها فاكهة الطائف الصيفية التي منها التين الشوكي والتفاح القرشي والخوخ والرمان، وغيرها من الفواكه، كذلك ماء الورد الطائفي، ويستثمر كثير من أصحاب المباسط في بيع الفاكهة التي يقطفونها من مزارعهم من فوق سفوح الهدا الباردة»، مضيفا أن «هناك أكثر من 20 مزرعة وبستانا في منطقة الهدا يتم جلب المحاصيل الزراعية منها إلى هذه البسطات». ويوضح العم فالح عبدالله الحساني «50 عاما» أنهم بدؤوا هذه المهنة منذ القدم، حيث توارثوها عن آبائهم: «كنا في بداية البيع في هذه المباسط نبدأ منذ بزوغ خيوط الفجر إلى قبيل رحيل الشمس، حيث لا نستطيع البيع في فترة الليل لعدم وجود إضاءة وأنوار تنير لنا الطريق والكشف عن البضائع، ومع مرور الزمن والتقدم الذي حصل امتد عملنا إلى الساعات الأولى من المساء، مستغلين الفوانيس في إتمام عملية البيع اليومي خلال فترة الصيف، ولكن مع اتساع المشاريع وإنارة طريق الكر السياحي، أصبحت مباسطنا تعمل على مدار الساعة طيلة فترة الصيف من دون أي توقف، حيث نزرع كثيرا من المنتجات من فاكهة الطائف، ومنها التين الشوكي والخوخ والتين، أو كما نسميه «الحماط» والعنب، وكذلك التفاح البجلي والقرشي». ويضيف العم علي عليوي الهذلي «65 عاما» أن «هذه المهنة الجميلة نعلمها لأبنائنا، حيث إن هذه البسطة التي تحتوي صناديق الفواكه تعد مصدرا من مصادر الرزق لنا ولذوينا، فنحن طيلة العام نزرع أنواعا شتى من المحاصيل الزراعية، خاصة الصيفية، ونروج هذه السلع في إجازة الصيف على السياح والمصطافين الذين يتنزهون أو يزورون عروس المصايف»، موضحا «أن جميع أصحاب هذه المباسط يجنون الثمار من بساتينهم ويبيعونها على السياح والزوار خلال فترة الصيف».