أصبحنا نسمع قصصا كثيرة ومحزنة تحدث بعد وفاة الوالد بين الأبناء.. فلان طرد إخوانه بسبب الميراث.. فلان قاطع إخوانه للسبب نفسه.. فلان سحب السلاح على إخوانه بسبب خلاف على الميراث.. وهكذا، وفي أرض الواقع مزيد من القصص التي نرصدها وكلها بسبب الميراث وما يحدثه من مشاحنات وبغضاء بين الإخوة. «أم ياسر» تتحدث عن قصتها مع تداعيات الميراث عقب وفاة زوجها: «بعد أن أنشأ أبو ياسر، يرحمه الله، محال تجارية ضخمة: وكالة سيارات، وبيع الأثاث والسجاد، عدا العقارات والأراضي، وزع قبل وفاته الأملاك على الأولاد والبنات بالتساوي، ومن كان يتسلف منه خصم ذلك من نصيبه، حتى لا يظلم الآخرين، ووثق كل ذلك بإيصالات، ولكن كانت المفاجأة التي حدثت في ثالث يوم من وفاته، حيث جاء أكبرهم وقال لي: اليوم انتهى العزاء، يعني بالحرف الواحد: يجب أن نقسم الإرث وما في داعي للبروتوكولات التي لا قيمة لها. فنظرت إليه نظرة لوم أولا لأنني لا أقوى على فتح هذا الموضوع، ثم لأن والدهم لم تمض على وفاته إلا ثلاثة أيام، فما كان منه إلا أن رفع صوته عاليا قائلا: نصيبي أنا بحاجة إليه، أريده الآن، هل تفهمين؟ فتجمع إخوته على صوته، وقالوا: نحن أيضا نريد أنصبتنا». واستطردت «أم ياسر» في الحديث والدموع تغسل وجهها: «فتحت لهم أوراقهم وأطلعتهم على ما أوصى به والدهم، يرحمه الله، لكل واحد فيهم، حتى البنات، ولأن الكبير كان يأخذ سلفا، فكان نصيبه أقل، فثار وأخذ مسدسه ليطلق عيارات في الصالة، ما أدخلني في غيبوبة لمدة أسبوع كامل». إرث بالحياة لم تصدق «أم أيمن» أن ما ورثته عن زوجها سيحول حياتها إلى نقمة نتيجة طمع أبنائها وأزواج بناتها: «لم أشاهد أبنائي أثناء مرض زوجي بقدر ما أصبحوا دائمي الإقامة في البيت بعد وفاته»، وتتذكر كيف أن أحد أزواج بناتها كان يلمح في البدايات لقضايا حصر الإرث، وبعد شهرين طلب مني التقسيم لترتاح، على حد قوله، وعندما قلت له: هل لك ميراث عندي؟ بدأ بالصراخ والمطالبة والتهديد». وتبين أن حصر الإرث والتقسيم تم بعد إلحاح وضغط من الأبناء من دون انتظار مرور أسبوعين على وفاة أبيهم، ليتم تقسيم المبالغ النقدية والأراضي: «كنت أعتقد أن المشكلة انتهت إلى هذا الحد، إلا أن المشكلات الكبيرة بدأت حين أخذوا يتطاولون ويهددونني بتقسيم نصيبي من إرث والدهم، معللين السبب بأنني بلغت من العمر 73 عاما، ويجب توزيع نصيبي عليهم»، وتضيف: «لم يتوقف الطمع عند الإرث، فعلى الرغم من أوضاعهم المالية الميسورة، فإن أحد أزواج بناتي بدأ ينقل من أثاث بيتي لبيته وأنا ما زلت على قيد الحياة التي تحولت بالنسبة إلي إلى جحيم نتيجة ضغوط أبنائي والطلب المستمر بإلحاح وتهديد بتوزيع ما تبقى لي، ومطالبتهم لي بالعيش معهم حيث قلت لهم: إنه يمكن توزيع هذه الأموال في حال وفاتي ورحيلي عن هذه الدنيا». استيلاء على نصف الميراث ويروي «أبو فهد» أن أباه وزع أملاكه قبل وفاته على ابنيه الاثنين وحرمه هو وأخواته اللواتي كن يتوقعن نصيبهن من الميراث: «أزواج أخواتي تنطحوا للمشاكل بعد وفاة والدي، حيث طردوا أخواتي إلى منزلي من أجل الضغط للحصول على جزء من الإرث المستولى عليه، وبدأت الأمور بالتعقيد وتمت إقامة دعوى قضائية في المحكمة بالتشكيك في أصول البيع، وما زالت القضية في المحاكم بين رد وطعن واستئناف وغيرها، ما خلق مشكلات كبيرة». أما عبدالله فقصته أكثر حزنا: «عشت مزارعا أعمل مع والدي، حيث أصبحت لدينا أموال وأراض وآبار مياه، وغيرها من المحال التجارية والمركبات التي كانت جميعها مسجلة باسم والدي»، ويضيف: «كانت تراود أبي نية الزواج، إلا أننا لم نصدق أن يقدم على هذه الخطوة وهو مقبل على العقد السابع من عمره، حيث عقد قرانه على فتاة صغيرة السن من دولة عربية، ثم أنجبت له ثلاثة أبناء، وتوفي نهاية العام الماضي». ويتابع قصة الميراث: «وكلت زوجة والدي محاميا في اليوم التالي لوفاته، وحجزت تحفظيا على كل الممتلكات، ليتبين أن والدي كان قد سجل لها نصف أملاكه، وبقية إخوتي وأخواتي العشرة لم يعرفوا عن ذلك شيئا، وكل أعمالنا تعطلت وتفرغنا بالكامل لقضية إرث زوجة أبي، وتوقفت المزارع وآبار المياه لتتحول إلى خرابات نتيجة النزاع على ملكيتها، وتحول الأمر أيضا إلى مشاجرات عنيفة واقتتال وسجن، فتقدمت بشكوى كيدية وتوقفت في السجن لأكثر من 45 يوما» .