على امتداد متنزه الحبلة بعسير، تنتشر مخيمات الشباب، الليل تحول داخلها إلى نهار، فيما أحيانا تقاوم شرارات الدخان حبات اللؤلؤ التي تنساب بهدوء لتملأ فراغات الموقع. الشباب تخلوا عن عتاد السيارات، وأعطبوها بإرادتهم، لا لعيب مصنعي، ولكن لتعطي مشهدا آخر في ساحات المتنزه. إنها هواية التحجير التي لم تكن ابتكارا من مخيلة أبناء عسير، ولا اقتصارا على أبناء منطقة بعينها، بل غدت ما يشبه العادة السنوية التي يحتضنها المتنزه، حيث يرفع الشباب السيارة عن طريق «العفريتة»، ثم البناء حول السيارة بأحجار متعددة الأحجام بطريقة هندسية جميلة ومن ثم ارتفاع السيارة فوق الأرض من الخلف، ثم يكتب البعض بعض العبارات والأبيات الشعرية. علي سعد العتيبي، 25 عاما، رافق عددا من أصدقائه من محافظة الطائف، للتنزه في منطقة عسير، وبالأخص في متنزه الحبلة: «بدأنا على الفور تحجير السيارة مع الشباب لمنحها المشهد الملائم، السيارة تكون في موقعها وبشكلها بعد التحجير بمدة تمتد أحيانا لأسبوع، وتقل إلى خمسة أيام، فيما يتم تلبية حاجات العزبة عن طريق سيارة بديلة، ربما يتم استئجارها، والفكرة استهوتني منذ فترة تصل إلى نحو ثمانية أعوام، وكان المسؤولون في إمارة منطقة عسير يدعمونها، وخصصوا لها موقعا في الحبلة، بل نال المشاركون فيها جوائز تكريمية، ونتمنى استمرار دعم هذه الهواية من قبل لجنة التنشيط السياحي بعسير، وتخصيص مسابقة لها، على أن تحدد لها شروط، ويكون لها لجنة منظمة للمسابقة، ويتنافس الشباب على جوائزها وتكون مدرجة ضمن برامج الصيف المعلن عنها، فهي هواية أعتقد أنها تمنح السيارة منظرا جميلا، وتجذب الأنظار إليها، كما أنها تلبي رغبته في التميز وإظهار الهواية للناس والشباب». تزيين بالأوراق ولا يعتبر هيثم صالح اليامي، 22 عاما، القادم مع رفاقه من منطقة الرياض، هربا من حرارة الطقس، وارتفاع درجات الحرارة إلى حد نصف المئة، أن التنزه في عسير يحلو إلا بهواية التحجير: «نعيش في المنطقة أجواء رائعة، سواء في توفير الحاجات، أو في مواقع الشباب، ووصلنا أمس، وعلى الفور بادرنا بمشاركة المخيمين، فعاليات التحجير، بل ابتكرت طريقة لكتابة اسم العاصمة على كامل بودي السيارة بأوراق «الأونو»، بعدما خطرت الفكرة على بالي خلال لعب الأوراق، فألصقت الأوراق على السيارة، وأشاطر الزملاء الرغبة في توفير مسابقة لهذه الهواية، من قبل لجنة التنشيط السياحي بعسير، والتي أراها احتضان مواهب الشباب ودعمها خصوصا أن العائلات يحظون باهتمام أكبر من قبل لجان التنشيط السياحي، ونحن نطالب بجزء بسيط من اللجان في المساهمة في تفعيل مواهب الشباب وإبرازها للناس والمصطافين». بلا مضايقات وأشار يوسف صالح الوادعي، 25 عاما، القادم من المنطقة الشرقية: «نحاول عبر هواية تحجير السيارات إعطاء منظر إضافي لمتنزه الحبلة الذي اشتهر بين أوساط الشباب بأنه موقع هواية تحجير السيارات، ولا يمكن أن نقوم بهذه الهواية إلا في هذا الموقع؛ حيث لا نستطيع عملها في المدن، والمناطق الباقية من المملكة، والجهات الأمنية في منطقة عسير يسمحون لنا بهذه الهواية ولا توجد أي مضايقات تذكر، ونرجو عودة الاهتمام من قبل المسؤولين في المنطقة بهذه الهواية ودعمها وتشجيع الشباب على إبراز مواهبهم والتي تعبر عن شخصياتهم وعن ابتكاراتهم»