لم يستطع العديد من الشباب مقارعة من يكبرونهم سنا في صقل مواهبهم وإبراز مهاراتهم فلم يجدوا مالا ليقتنوا السيارات الفارهة، أو الدراجات النارية ذات الموديلات الحديثة، ولم يجدوا بدا من التحدي على طريقتهم الخاصة ووفق إمكانياتهم المتواضعة. وليس من سبيل إلا استخدام الدراجات، لكنها الهوائية هذه المرة، الأمر الذي جعل هذه الهواية في جدة وسيلة من وسائل الرياضة لدى الشباب. لكن البعض اعتبرها وسيلة لإبراز مهارات الاستعراض والسباق، فشكلوا مجموعات منظمة لمنافسات التحدي بالدراجات الهوائية، واستعراض مهاراتهم، ولم يقفوا عند ذلك ولكنهم سبروا أغوار الهواية بتحدي الخطر واستعراض أصعب الحركات البهلوانية ولا غرابة في أن تكون الشوارع الرئيسة مواقع للاستعراض ولإبراز المواهب. استعراض مهاري فيصل المولد، 16 عاما، يجتمع مع زملائه في أوقات مختلفة من الشهر خصوصا في أيام الإجازات، ولدى كل واحد منهم دراجة هوائية فهي لا تكلف شيئا، حيث يتراوح سعرها ما بين 200 و500 ريال، حسب المقاس والنوعية: «نحاول تزيينها، بمختلف أنواع الزينة، وحتى يبدو كل منا متميزا بدراجته، ونحن عادة ما نجتمع لإبراز التحدي والتنافس في السرعة وفي الحركات الاستعراضية المختلفة، فالبعض يوميا يبتكر طريقة جديدة وحركة مختلفة، حتى أصبحنا محترفين، ولكل تحد ثمن، فالعديد منا وقع ضحية السقوط، وتعرض آخرون لجروح وكدمات مختلفة بسبب ابتكار حركات مختلفة تعكس الاحتراف والمهارة حتى أصبحنا نؤدي حركات تجعل المارة يشجعوننا، بل العديد من الشباب يستوقفنا والبعض يلتقط لنا صورا من جواله أو من كاميرته الخاصة». ويعترف المولد بأنهم يطمعون أن تكون هنالك جهات لتطوير هذه المهارات وتشجع لعبة التحدي في هذا النوع من الرياضة: «نجد متعة كبيرة وقد يصل التحدي أحيانا إلى ساعات، ولكننا نركز بشكل أكبر على الاستعراض أكثر من السرعة، لأن للسرعة عواقب وخيمة على الجميع، أما الاستعراض فنحن نبدأ التعلم عليه في أراض ترابية داخل الحواري، ومن ثم نطبق الاستعراض في الشوارع حتى نصل إلى أكبر شريحة من المشجعين». حلم التميز أشار خالد الثقفي، 15 عاما، إلى أنه يطمع هو وزملاؤه في توفير ساحات مهيأة، وتحت إشراف ناد رياضي أو جهة تنظيم فعاليات، لكي تحتضن مواهبهم، وتميز المحترفين منهم، مشيرا إلى أن العديد منهم يمتلك مهارات فائقة في الاستعراض، تتمثل في رفع مقدمة الدراجة والسير بها على عجلة واحدة والوقوف على الدراجة، وهي تسير، والسير على الدراجة وعمل حركات بهلوانية مختلفة: «هذه الحركات الاستعراضية لم تأت من فراغ، ولم تبرز بسهولة بل خرجت بفعل تدريب ميداني وبشكل يومي على الاستعراض، والعديد منا تعرض لحوادث سقوط مختلفة، وأصبنا بكدمات وحوادث وسالت منا الدماء، ولكننا كشباب لدينا طاقات، ولا نريد اختزالها، بل على النقيض نطمع في إبرازها، ولدينا جمهور خاص يتجمع بالقرب منا، ويطلب تأدية ما نستطيعه من حركات، وآخرون يطلبون منا الجديد، وإعادة المهارات الاستعراضية مرات ومرات، بل ويستغرب البعض من إجادتنا لبعض المهارات كونها خطرة وتتطلب جهدا خاصا ومهارة فائقة». المتطفلون يضايقوننا وذكر محمد الأحمدي أنهم يتعلمون يوما بعد يوم، ويأملون في تلقي المزيد من التدريبات لكسب مهارات أخرى: «بعض المتطفلين يضايقوننا بالسيارات ويطلقون صرخات الاستهجان والتعليق علينا، ولكننا لا نلتفت إليهم، ونحن نمتلك مهارات تؤمن لنا سبل السلامة على الطريق العام، ونجد متعة في تصفيق المشجعين خصوصا من الشباب، فلو استعرضنا في مكان داخلي لما شاهدنا أحد، إضافة إلى أننا نريد أن نجرب تلك المهارات في شوارع كبيرة حتى نزيل عامل الخوف، ونتمكن من إجادة الاستعراض في كل الظروف» .