في صفحات محبيه هو «الظاهرة»، وفي تاريخ الكرة السعودية هو «الحارس الأسطورة»، وفي صفحات الاتحاد الدولي لكرة القدم هو «عميد لاعبي العالم»، وفي تاريخ الاتحاد الآسيوي هو «حارس القرن»؛ ذلكم هو محمد الدعيع صاحب الرقم القياسي في الإنجازات والبطولات الذي تذوق مع ناديه والمنتخب أحلى وأغلى الألقاب، وحطم كل الأرقام القياسية، قبل أن يقرر طي تلك الصفحات الجميلة بقرار الاعتزال، بعد أن أمضى ما يقارب ربع قرن في الملاعب ما بين الطائي والهلال، محققا ما لم يحققه أي لاعب على المستوى العربي والآسيوي. الدعيع الذي عرف بصمته الجميل تحدث هذه المرة، كما لم يتحدث من قبل، عن كل ما يتعلق بهذه المسيرة الطويلة وما علق بها من أقاويل وشائعات في الفترة الأخيرة والتي سبقت إعلانه الاعتزال. حكاية المخالصة ** دعنا نبدأ معك من نقطة النهاية، وماذا ينتابك من أحاسيس وأنت تقرر الاعتزال؟ لم أكن أتوقع أن يكون الشعور بعد الاعتزال كما أشعر به الآن، فهو مزيج بين الحزن والفرح، وحقيقة الشعور مؤلم وحزين عندما تعتزل اللعب وتغادر الملاعب وتفارق هتافات الجماهير من المدرجات، وكم هو شعور جميل وسعيد أن ترتاح بعد 22 عاما خدمت فيها بلدك من خلال المجال الرياضي بكل إخلاص ووفاء، وقدمت كل ما تملك من جهد ووقت له ولناديك، فأنا فعلا حزين على أني غادرت الملاعب، وهذه سنة الحياة، فمصير كل لاعب هو الاعتزال، ولكني كذلك سعيد لأني أسعدت الكثيرين طوال 22 عاما. ** اعتزلت اللعب ولا يزال الكثيرون يقرون بأنك قادر على العطاء.. فلماذا الرحيل إذن؟ هذا ما كنت أبحث عنه فكوني أعتزل وأجد وسائل الإعلام والجماهير سواء في الشارع أو بالمنتديات تطالبني بعدم الاعتزال وتؤكد أنني قادر على العطاء لأكثر من عامين، فهذا يجعل الجماهير تتذكر نهاية حياتي الرياضية بشيء جميل، سيما أنني حققت مع فريقي الموسم الماضي بطولتين وقطعت معه نصف المشوار آسيويا. ** ولكن يتردد أن الجهاز الإداري ضغط عليك ووضع أمامك خيارين: الاعتزال أو الاستمرار في الهلال دون أن تشترط اللعب أساسيا؟ علق ضاحكا: مشكلتنا في الوسط الرياضي أننا نبحث عن الشائعات لنصدقها، فهل من المنطق أن يقوم رجل بمكانة ووعي وفكر وثقافة الرئيس الأمير عبدالرحمن بن مساعد بهذا التصرف، أو أنني بعد كل هذا أسيء لتاريخي الرياضي بالتشرط باللعب أساسيا؟! عموما تأكد أن قرار اعتزالي جاء برغبة شخصية مني رغم أن الرئيس الهلالي حاول واجتهد أن أعدل عن قراري وأستمر في الفريق ولكنني أبلغته أن هذا القرار نهائي. ** لكن ما يقال بتأكيدات أنك طلبت مخالصة نهائية للانتقال من نادي الهلال لنادٍ آخر؟ غير صحيح، وكل ما نشر في وسائل الإعلام من أنني طلبت مخالصة، لا أساس له من الصحة، وأتحدى من يثبت أنني طلبت مخالصة نهائية للانتقال، ولو كنت أرغب في الاستمرار في اللعب سأستمر في الهلال، لا غيره. ** ولكن إدارة الهلال ألمحت إلى أنك طلبت مخالصة بعد أن وصلتك عروض مغرية؟ مقاطعا: صدقني لو كنت طلبت مخالصة لن أتردد في أن أذكرها.. والرئيس أو أعضاء الشرف قد يكون نقل لهم أنني أرغب في الانتقال أو أنني طلبت مخالصة، وهذا الذي لم يحدث إطلاقا في الاجتماع الذي تم بيني وبين الرئيس، فمن الجنون أن ألعب لنادٍ غير الهلال، فالهلال طموح لكل اللاعبين، ولو كنت أبحث عن المادة فالزعيم برجالاته لم ولن يقصروا مع من يخدمون الزعيم، فقد وفروا للاعب الهلالي كل ما يرغب فيه ويتمناه. ** هل أفهم من ذلك أنك لم تساوم الهلال؟ فعلا لم ولن أساوم الهلال.. ويستحيل أن يأتي اليوم الذي أساوم الهلال فعلاقتي به وجمهوره وأعضاء شرفه وإدارته أكبر بكثير من الأموال والعقود. عرض ب12 مليونا ** إذن ما مدى صحة العروض التي وصلتك وتجاوزت 12 مليونا لعامين؟ سمعت عنها، ولكن طوال مشواري مع الهلال وقبل تجديد عقدي تصلني مفاوضات وعروض وأرفضها مباشرة لأنه ليس هناك نادٍ أفضل من الهلال، وهذا ما دفعني لتجديد عقدي على بياض. ** مادمت ترغب في الاعتزال في نهاية الموسم، إذن لماذا جددت على بياض قبل انتهاء عقدك؟ جددت على بياض لأن عقدي دخل الستة أشهر، وكنت أعتمد على النظام الذي يحق للأندية الأخرى مفاوضة اللاعب قبل انتهاء عقده بستة شهور وكنت سأدخل الستة أشهر، ونحن في مراحل حسم كالدوري وكأس ولي العهد وكالآسيوية، ولكي لا يتشتت ذهني وتحصل شوشرة بإطلاق الشائعات، وأن الدعيع سينتقل لنادٍ آخر والنادي الفلاني يفاوض الدعيع طلبت من الدكتور سلطان البرقان ورقة تجديد عقد ووقعت على بياض حتى أرتاح ويرتاح جمهور الهلال، وفعلا حين جددت على بياض لم تظهر شائعات انتقال أو مفاوضات ولكن للأسف فإن بعد نهاية الموسم لم أسلم، حيث أطلقوا شائعات بأني سأنتقل لنادٍ آخر وحقيقة أستغرب من يصدق هذه الشائعات كيف أنتقل وأنا جددت على بياض ولماذا أنتقل وأنا قررت الاعتزال. ** ألم ينصحك المقربون منك بالانتقال؟ المقربون مني حتى هذه اللحظة يطالبونني بالعودة. نصحوني بالاعتزال ** من المتسبب في الزوبعة الإعلامية والجماهيرية التي استمرت أسبوعين بينك وبين الهلال؟ لم أكن أنا المتسبب فيها فأنا لي مبدأ وهو أن ما بيني وبين فريقي سواء مشكلة أو ما شابه ذلك يكون داخل النادي وكنت أجدد عقدي مع الزعيم على بياض وأترك للإدارة وضع المبلغ لكيلا يستغلوا تجديد عقدي للترويج والإثارة، وعقدي الأخير جددته على بياض قبل انتهائه بفترة طويلة لأوجه رسالة للجميع بأن علاقتي بالهلال علاقة عشق وأكبر من العقود والأموال، بينما تأخر حسم موضوعي يعود إلى أن الأمير عبدالرحمن بن مساعد كان يرغب في استمراري وكان يرفض قرار اعتزالي وكنت أطلب منه ألا يرفع عقدي للجنة الاحتراف؛ لأني قررت الاعتزال، وأوضح لي وجهة نظر المدرب بخصوص ما نشر على لسانه من أنه سيستعين بالدعيع خيارا ثالثا، وقد طلب مني التفكير مجددا فقمت باستشارة شخصيات مؤثرة ومخلصة لي في حياتي الرياضية ونصحوني بالاعتزال وأن أترك الملاعب وأودع الجماهير قبل أن يطالبوني بالرحيل. ** قيل إنك تضايقت من تصريح الأمير عبدالرحمن بن مساعد ووصفه لتجديد عقدك بغير الاحترافي؟ لم أتضايق إطلاقا لأني أعرف محبة وتقدير الرئيس لي وعلى يقين بأنه يبحث عن مصلحتي، ورغم أني لم أتضايق من التصريح إلا أن الأمير عبدالرحمن تصدى لمن حاولوا أن يستغلوا التصريح لصالح أهدافهم واعتذر وأوضح ما يهدف أليه وأنا أؤكد بأنني أفتخر كثيرا بالكلمات التي قالها عني. **قرار اعتزالك هل هو في مصلحتك أم في مصلحة الهلال؟ الهلال لا يعتمد ولا يتوقف على أي لاعب كان فقد اعتزل النعيمة والثنيان والجابر وغيرهم من نجوم هم أكثر تأثيرا من محمد الدعيع، ولم يتوقف الزعيم عن تحقيق البطولات، ومصلحة الهلال تحتم على الدعيع أن يعطي الفرصة لحراس آخرين يخدمون الفريق لأعوام طويلة كونه إذا لم يعتزل هذا العام حتما سيعتزل في العام القادم ووجدت أنها فرصة مناسبة أن أعتزل والفريق يحقق إنجازات. ** التصريح المنسوب للمدرب السابق إيريك جيرتيس من أنه لن يعتمد عليك وفي حالة استمرارك ستكون خيارا ثالثا هل ساهم في تعجيلك اتخاذ قرار الاعتزال نهائيا؟ هذا التصريح نفاه المدرب وقرار الاعتزال جاء برغبة شخصية مني وجيرتيس مدرب أحترمه وأقدره وكنت على يقين بأن مدرب بحجمه لا يمكن أن يصرح بمثل هذا الكلام. شقيقي مظلوم ** نشر في المنتديات أحاديث نسبت لشقيقك خالد الدعيع تضمنت أن سامي الجابر يحاربك وأنك مستاء من تعامل إدارة الهلال معك؟ ما نشر كذب كذب كذب.. فأخي خالد لا يعرف النت ولا يعرف المنتديات وهو شخص واعٍ ومتزن، ومستحيل أن يذكر هذا الكلام الذي نسب له ورغم ثقتي فيه إلا أنني نقلت له ما كتب في النت له وأقسم بأنه لم يتحدث مع أي شخص بمثل هذا الكلام. ** المقربون من البيت الهلالي يعلمون أن بينك وبين سامي الجابر حرب شرسة ما سببها؟ فعلا هناك حرب شرسة فسامي الجابر يحاول من جهة وأنا من جهة أخرى لنحارب كل من يحاولون إفساد صداقتنا وتخريب العلاقة بيننا التي تمتد لأكثر من 20 عاما، وأنا أوجه رسالة لمن يحاولون إفساد هذه العلاقة عنوانها: «لا تتعبون حالكم» فعلاقتي بسامي كبيرة جدا. ** كيف تصف تجربته الإدارية مديرا للفريق الهلالي؟ ناجحة، وأنا لازلت أقول: إن سامي الإداري أفضل بكثير من سامي اللاعب الذي لن يتكرر فسامي يملك شخصية إدارية مميزة ومحبوبة وتعامله مع اللاعبين بصورة احترافية. **من الطبيعي أن يشارك حارس في غياب الدعيع في حالة الإصابة ولكن الغريب أن يشارك حارس في ظل وجوده وجاهزيته؟ هذه سياسة مدرب وأنا أحترمها وقد امتدحتها إعلاميا كونها تعطي الحارس الاحتياطي حقه وأيضا تتيح للحارس الأساسي أن يرتاح من ضغط المباريات والإرهاق وتداخل المسابقات، وهو بالمناسبة اجتمع معي قبل بداية كأس ولي العهد وقال إنه سيعطي الفرصة للحارس الاحتياطي وتقبلت القرار بصدر رحب. الجلوس على دكة الاحتياط ** صف لنا شعورك وأنت تجلس على دكة الاحتياط في مشهد نادرا ما نشاهده مع الدعيع؟ الأمر جدا طبيعي، وهذا حال الكرة ووجهة نظر مدرب يجب أن أحترمها، صحيح أن كل لاعب يبحث عن المشاركة وخدمة الفريق ولكني شخصيا لم أتضايق لأنني قرأت أن هناك من يقول بأن محمد الدعيع يرفض الجلوس على مقاعد الاحتياط ولاعب متكبر والحمد لله الجمهور الرياضي الواعي يعرف أن الدعيع جلس احتياطيا لعدة حراس في المنتخب والهلال. ** إذن ما السبب وراء رفضك الجلوس على دكة الاحتياط في مباريات كأس الأبطال؟ غير صحيح لم أرفض الجلوس فأنا أحترم قرار المدرب ففي إحدى مباريات كأس الأبطال كنت مريضا ولم أغادر مع الفريق بينما حضرت في بقية المباريات بما فيها نهائي كأس الملك وقد جلست في المدرجات في مباراة النصر في دور الأربعة وفي نهائي كأس الأبطال لأدعم زملائي وهذا رد على من يقول بأن محمد الدعيع يرفض الجلوس على دكة الاحتياط. **قيل إن سبب توتر العلاقة بينك وبين جيريتس هو صرامته الشديدة معك؟ علاقتي به قوية جدا فلم يكن يتعامل معي إلا بكل احترام وأنا لاعب محترف يفترض أن أطبق كل ما يطلبه مني المدرب ولم أتذمر أو أتضايق من صرامة المدرب بل إنني من أسعد اللاعبين ومن اللاعبين المنضبطين كون الجدية في التدريبات تنعكس إيجابا على مستوى اللاعب والفريق. التوسط للاعبين ** ترددت أنباء أن محمد الدعيع كان يتدخل في التشكيلة في فترة إشراف كوزمين وبحضور جيرتيس تعرض للتهديد بالاستبعاد حين حاول التوسط بإشراك بعض اللاعبين في التشكيلة؟ غير صحيح ولا يمكن لي أن أتدخل في التشكيلة أو أقوم بذلك.. صحيح أنه من الطبيعي كقائد للفريق أن أكون حلقة وصل بين المدرب واللاعبين وأنقل وجهة نظرهم ولكن لا يعني ذلك أن أتدخل في التشكيلة أو أتوسط لأي لاعب كان. ** العام الماضي مع مدرب حراس وطني وهذا العام مع مدرب حراس أجنبي.. هل اختلف الوضع؟ كل مدرب لديه شخصية ويملك تعاملا وطريقة مختلفة وكما تعرف أنه أشرف على تدريبي الكثير من المدارس فمرة مدرسة برازيلية وأخرى مدرسة أوروبية وغيرها وكل مدرسة تختلف عن المدرسة الأخرى ولكنني والحمد لله كنت أنفذ كل ما يطلبه مني المدرب بكل جدية. ** وما ردك على فئة قالت بأنك اعتزلت لتتهرب من المعسكرات الخارجية؟ ربما من أطلقوا هذه الشائعة تناسوا أني من أكثر اللاعبين الذين يحرصون على حضور المعسكرات ومنذ أن كنت مع فريقي السابق الطائي مرورا بالهلال ومع المنتخب لم يسبق أن تهربت أو تغيبت عن معسكر إلا بعذر مسبق، وقرار اعتزالي جاء بمحض إرادتي. ** هناك من قال بأنك ضحيت بتاريخك من أجل المال بتأجيلك قرار الاعتزال موسما بعد آخر؟ لا إطلاقا، لم يكن للمادة دور في استمراري بالملاعب وأنا كنت قد قررت الاعتزال عام 2008 بعد نهائي كأس ولي العهد وأبلغت رئيس النادي الأمير محمد بن فيصل بأن هذه آخر مباراة لي مع الفريق لظروفي الشخصية ولكوني أريد أن أختم مسيرتي الرياضية بإنجاز إن تحقق خاصة أن اللقب الدوري في ذلك العام كان قريبا بنسبة كبيرة من الاتحاد وكنت أرغب في الاعتزال، لكن ما حصل هو أن الأمير محمد بن فيصل رفض وأصر على استمراري ولكنني تمسكت بقرار الاعتزال إلى أن فاجأني الأمير محمد بأنه أبلغ الأمير سلمان بن عبدالعزيز بذلك وطلب مني الأمير سلمان الاستمرار وأكد أنني قادر على العطاء ومن الصعب أن أرفض طلبه والحمد لله لم أخيب ظنه وثقته في وساهمت مع زملائي بتحقيق بطولة الدوري وبعد ذلك جاءت فترة رئاسة الأمير عبدالرحمن بن مساعد الذي أحرجني كثيرا وقال إنه يفتخر بأنه يترأس نادي يكون فيه الدعيع وطلب مني الاستمرار أربعة أعوام في الجمعية العمومية وحينها قلت بأنني سأستمر عامين تقديرا له لأنني أحبه كثيرا وهذا ما حدث حيث استمررت عامين وقررت الاعتزال في هذا العام وأنا راضٍ عما حققت، ويكفيني فخرا أنني اعتزلت في فترة رئاسة رجل مثله، بالتالي أنا لم أكن أبحث عن المادة بقدر ما كنت أستمر تقديرا لرؤساء وجمهور الهلال .