عزا عدد من المختصين هروب الفتيات من منازل أسرهن إلى فرضية تعرضهن إلى ضغوط نفسية إلى جانب ضعف الرقابة الأسرية، وذلك ما جعل الحالات تتزايد بلجوء كثير منهن في خاتمة المطاف إلى دور الرعاية الاجتماعية لتوفير الحماية لهن من ردة فعل أهاليهن، مشيرين إلى أن أغلبهن صغيرات في السن ولا يدركن خطورة تصرفاتهن وتداعياتها السلبية عليهن وعلى أسرهن. ويعيد أستاذ علم النفس والاجتماع بالإدارة العامة للتربية والتعليم بمكة المكرمة الدكتور عادل حسن منور هروب الفتاة من منزل أسرتها إلى «خلفيات تعانيها كالضغوط النفسية والمشكلات الاجتماعية الشديدة أو تعرضها لشدة في التربية والرقابة ما يؤدي إلى شعورها النفسي بالقهر والظلم، ولذلك تعتقد خطأ أن هروبها يمثل حلا لما تعانيه من مشكلات، مضيفا أن لجوءها إلى الهروب من هذه المشكلات يعد نوعا من التنفيس فتقع في مشكلة أكبر من ذلك وكما يقول المثل الشعبي، جات تكحلها أعمتها». ويوضح الدكتور منور أنه ربما يكون العكس هو الصحيح، فقد يكون أن الفتاة تعيش حياتها وليس عليها أي رقابة أسرية معقولة، ولا يوجد من يوجهها أو يرشدها، إضافة إلى ضعف الوازع الديني خصوصا أننا في مجتمع مسلم ومحافظ له عاداته وتقاليده، كما أنه ربما قادها التقليد والمحاكاة إلى فعل ذلك خصوصا إذا كانت في سن المراهقة فتقلد غيرها أو ما تشاهده في القنوات الفضائية معتقدة أن هروبها نوع من التحرر والتجديد والاعتماد على النفس. ويرى الاختصاصي الاجتماعي سعود غازي القرشي أن «هروب الفتاة من أسرتها يعود إلى التفكك الأسري الذي يأخذ صورة واحدة مهمة هي بعد الأب عن وظيفته الأساسية في رعاية الأسرة والأبناء والاعتماد على الأم التي بدورها أوكلت مهمة التربية للخادمات»، مضيفا أن «غياب الوعي وقلة الوازع الديني من أسباب حل هذه الظاهرة، كما يجب على وسائل الإعلام أن تلعب دورا ملموسا في تنبيه أولياء الأمور بخطورة وانتشار الظاهرة، وكذلك تنبيه الطالبات بعواقب الهروب من المنزل». ويقول الباحث والمحلل الاجتماعي والصحي جمعة الخياط إن من « الأسباب الرئيسية لهروب الفتيات من منازل ذويهن سواء منزل الأب أو الزوج هي المشكلات الأسرية والعنف الأسري كعنف الآباء والأمهات ضد بناتهم أمام الناس أو فيما بينهما وهو ربما يكون عنفا بدنيا أو جنسيا أو لفظيا أو بالتهديد، أو عنفا اجتماعيا أو فكريا، وهو بلا شك يترك آثارا سلبية وأضرارا عديدة في حياة بناتهن وأيضا العلاقات الزوجية الفاشلة التي أودت بهؤلاء الفتيات إلى الهروب وصدور تصرفات غير حميدة ومنها القضايا الأخلاقية والخلوة غير الشرعية وقضايا تتعلق بالنسب والقضايا العامة والقتل، والتي أدت إلى إيداعهن السجون وبعد انقضاء محكومياتهن يرفض أهاليهن استلامهن». وينصح ويحث الخياط الوالدين أو ذوي هؤلاء الفتيات بإحياء عاطفة التسامح لديهم ويحثهم على اتخاذ مثل تلك القرارات بكامل إرادتهم بنسيان الماضي الأليم كي لا يعانوا هم وذووهم أكثر من ذلك، وأن يعالجوا ذلك بقلوبهم الرحيمة ويبتعدوا عما يؤدي بهم للغضب وبالتالي للكره بينهم وبين بناتهم فيعيشوا سعداء مع فلذات أكبادهم.