لا يحتمل عدد من الطلاب، خاصة ممن ابتليت أسرهم برهبة الامتحانات، سماع كلمة المراجعة بعد نهاية الاختبار، فراحوا يتخلصون من كل خيط يعيدهم إلى المادة قبل وصولهم للمنازل، هربا من مراجعات الأسر أو إحباطات الزملاء. على عتبة قاعات الاختبارات في المدارس تتناثر القطع الورقية، هنا وهناك، البعض يفتخر بأنه مزق كل ورقة تربطه بالمادة التي أنهى اختبارها، والبعض الآخر يخجل من تمزيق الورقة، لكنه مضطر للتخلص من الضغط النفسي الذي تفرضه الأسر، في حين أن الفئة الثالثة تتمسك بأوراق الاختبارات للمراجعة في المنازل ومعرفة النسبة المتوقعة. خوف من المجهول يرفع الكثير من الطلاب، سواء المجتهدون أو المتقاعسون، شعار الابتعاد عن التعب النفسي في وجه أوراق الاختبارات، وبمجرد أن خرج طالب الثالث الثانوي محمد المالكي من القاعة، بادر بتمزيق الورقة على مرأى من زملائه: «شكوا في احتمال تقاعسي عن الإجابات، أو أن ذلك يعد احتجاجا على صعوبة الأسئلة بالنسبة إلي، لكن الأمر ليس كذلك، إذ إنني كرهت المراجعة التي تلاحقني بها أسرتي في المنزل، ولا أعرف ملاذا إلا بتمزيق هذه الورقة، وعلى أولياء الأمور مراعاة الجانب النفسي لدى الطلاب، فلا أعرف معنى المراجعة بعد فوات الأوان، لأنه لن يكون سوى حسرة وندم في نفوس الطلاب، ومن السهل أن يدخلنا في عامل نفسي يؤثر في أداء الاختبارات اللاحقة». النسيان أفضل لكن زميله على الصاعدي الذي يعاني نفس الإشكالية يرفض تصعيد المشكلة، ويرى أن أنسب حل إهمال الورقة وتركها على الطاولة وعدم اصطحابها: «أعتقد أن تمزيقها يعد إهانة للمادة، ولا يعد تصرفا مقبولا، لكنني أعاني من نفس الإشكالية لدى أسرتي ومع ذلك أميل لترك الورقة، بدلا من تمزيقها، ولطالما لاحقني السؤال: أين أوراق الأسئلة، وأرد بإجابة واحدة بأنني نسيتها على الطاولة، ويوميا أتعرض لنفس السؤال، وأردد نفس الإجابة، فلا أشعر بملل أسرتي، ولا أشعر بملل الإجابة، لأنني بصراحة لا أعرف كيفية التعامل معهم في حالة الإصرار على مراجعة الأسئلة». الهروب من الزملاء ويتحاشى طالب الثانوية العامة لؤي السليماني الاقتراب من بعض الزملاء بعد نهاية الاختبار، لأنهم اعتادوا مراجعة المادة أولا بأول قبل الذهاب إلى منازلهم: «حاولت معهم ليتخلصوا من هذا الوهم، لأنه لا يعتبر إلا تحسرا وندما، ولا يقدم أو يؤخر في النتيجة، لكنهم رفضوا ذلك وتمسكوا بأفعالهم الخاطئة من وجهة نظري، خاصة أنني شاهدت العديد منهم ينهار فور علمهم بخطأ الإجابات، ومع ذلك يسيرون في هذا الاتجاه، لذا قررت الابتعاد عنهم نهائيا، والتخلص من ورقة الأسئلة لعدم الاستماع لأي ملاحظات لا منهم ولا من أسرتي عند عودتي للمنزل». مراجعة نهائية ويختلف مازن المطيري في التعامل مع هذا الملف، إذ يرى أن المراجعة مطلوبة، لكن الهروب منها مطلوب: «لا أهمل الأسئلة، ولا أراجعها فور خروجي من قاعة الاختبار أو حتى عند الوصول للمنزل، لكنني أجمعها في ملف خاص داخل سيارتي، وبصراحة أستعيدها في اليوم الأخير من الاختبارات، وعبرها أتعرف على نتيجتي المتوقعة، ونجحت عدة مرات في تحديد نتيجتي قبل إعلانها، لكنني أرفض أسلوب المراجعات قبل نهاية الاختبارات لأنه يعد هدرا للوقت الذي يحتاج إليه الطالب للمواد الأخرى». ويرى معلم المرحلة الثانوية محمد علي الأسمري أهمية المراجعة: «عادة يلجأ إليها الطلاب الجيدون والمتفوقون دراسيا، والبعض لا يبدأ استذكار أي مقرر آخر حتى يراجع ورقته السابقة، وبعض الطلاب قد يصل إلى درجة دقيقة من التنبؤ بدرجته من خلال المراجعة، ومع ذلك فإن للمراجعة سلبيات وإيجابيات». رقابة معلم ويقف طالب الثانوية حامد القرني في موقف الحيرة مع كل اختبار، فوالده معلم ويحرص على المراجعة معه فور انتهاء اختبار المادة: «إذا تظاهرت بضياع ورقة الاختبار، أو نسيانها، أفاجأ بأنه يظهرها لي، ويبدأ معي في المراجعة، ولا أستطيع مراجعته، أو مواجهته، بل أحيانا يستعين بعدد من الزملاء لمعرفة مسار إجاباتهم، وقد يتنبأ بصعوبة أحد الأسئلة، ليعرف أن درجاته يمكن توزيعها على الأسئلة الأخرى» .