حين ازداد سعر المشروب الغازي بواقع 50 %، وهي زيادة كان كثير من الناس يرون أنها غير مبررة، كنت في أحد محال السوبر ماركت وأقبل علينا مسؤول من شركة المشروبات الغازية، وكان يضع الملصقات بالأسعار الجديدة فاستوقفه أحد الزبائن داخل السوبر ماركت وسأله: «لماذا رفعتم السعر»؟ فكانت إجابة المسؤول جاهزة فقال: «لأن السكر ارتفع سعره وهو عنصر أساسي في تصنيع المشروب». وفعلا كان السكر يشهد تصاعدا خياليا، لكن الرجل السائل لم ينته عند هذا الحد بل أضاف سؤالا مفحما: «إذن لماذا ترفعون مشروب الدايت الذي لا يحتوي على سكر أبدا»؟. ابتسم المسؤول وبحث عن أقرب مخرج واستأذن وفر هاربا. هذا السؤال صحيح تماما لأنه ناقش أمرا متعارفا على صحته، فقد فند حجة المسؤول بأسلوب منطقي وواضح، لكن مصيبتنا دوما أننا لا نبحث عن الأسباب الحقيقية، ولا نسأل عن الدوافع الفعلية وراء قرارات من هذا النوع، ونكتفي بالأسباب التي تعلنها الشركات. يحاول الإنسان أن يقنع نفسه بالمبررات التي تسوقها الشركات لتبرير زيادة الأسعار لكنه أحيانا لا يجد أسبابا كافية للإقناع في ظل التساؤلات التي تدور في باله: ما الذي يدفع شركة إلى رفع الأسعار بينما أرباحها في نهاية العام تزيد على خمسة مليارات على سبيل المثال في الوقت الذي يمر العالم فيه بأزمة مالية؟ وكيف تتذرع شركة بضرورة رفع الأسعار لأنها على شفا الإفلاس، وبالنهاية في الأخبار الاقتصادية تسمع أن أرباحها عالية جدا؟! لماذا تتفاوت أسعار المنتج نفسه بين شركة وأخرى في سوق واحدة؟ المحصلة النهائية هي اللامبالاة في رقابة جميع الأسعار، فالكل يضع السعر المناسب لأرباحه وحتى يضيف صفرا جديدا لثروته على حساب المستهلك الذي لا يجد من ينصفه ويحميه من هذا الجشع المتزايد.