طالب بعض أعضاء مجلس الشورى في إحدى جلساته الأخيرة بتطبيق نظام البصمة الإلكترونية للتأكد من أن الموظفين يؤدون واجبهم. المشكلة ليست في مطالبات مجلس الشورى في الالتزام بالعمل من عدمه، فقد عودنا المجلس على الكثير من المطالبات، حتى باتت المطالبات من شيمه، ولست أعلم هل المطالبة الجديدة بتطبيق نظام البصمة الإلكتروني على الموظفين في الدوائر الحكومية للتأكد من حضورهم في مواعيد عملهم من صلاحيات مجلس الشورى أم من صلاحيات الجهات الرقابية. المواطن ليس معنيا بمن حضر أو غاب عن عمله، لأن معاملات المراجعين تظل لفترات طويلة من الزمن دون أن يبت فيها، وخلال فترة الانتظار الطويلة في العادة يكون جميع الموظفين على مكاتبهم، وقد تسمع من أحد المراجعين أنه طيلة أعوام وهو يتردد على الموظف فلان، ولا تسمع من هذا الشاكي أن مشكلته تتمحور في أنه يذهب لمتابعة معاملته ولا يجد الموظفين، بل المشكلة أن المراجع حاضر والموظف حاضر بينما الإنجاز غائب. أما موضوع تطبيق البصمة للتأكد من أن الموظفين سيلتزمون بوظائفهم فهو دليل آخر نستشفه من بعض أعضاء مجلس الشورى في أنهم بعيدون حقيقة عن جوهر هموم المواطن، فالعقلية البيروقراطية لا تزال هي الحاضر في أذهان بعضهم، ولا تتلمس حاجات المواطن، فالمراجع الذي هدر وقته وماله وجهده في متابعة معاملاته مهتم بجوهر المشكلة وهو أن الإنجاز غائب، بينما بعض الأعضاء همه الشكل الذي يقاس بالأرقام. فالنتيجة من نظام البصمة الإلكترونية ستكون في النهاية أن نسبة الموظفين الملتزمين بالحضور في الموعد المحدد «كذا %»، ونسبة غير الملتزمين كذا، وساعات التأخر هي بين الساعة الفلانية والساعة الفلانية، وعدد الساعات المهدورة سنويا تساوي كذا، والحسبة تطول، لكن الفائدة الوحيدة هي هذه النسب والأرقام ستمكن أعضاء مجلس الشورى في الأعوام المقبلة من إيجاد مادة غنية لنقاشاتهم، بينما المواطن لا يزال ينتظر حلولا تحول دون تأخر شؤونه في الدوائر العامة.