ظلت شركة بريتش بتروليوم البريطانية «بي بي» طوال الأيام الأخيرة هدفا لانتقادات لاذعة من قبل البيت الأبيض الأمريكي عقب تسرب كميات هائلة من النفط قبالة السواحل الأمريكية بعد انفجار بئر تشرف عليها في عمق خليج المكسيك. وهدد مسؤولو إدارة أوباما بزيادة حجم تقديرات التعويضات عن أزمة التسرب الهائل. ودفعت بواعث القلق بشأن مستقبل الشركة العملاقة التي تتخذ من لندن مقرا لها، رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ووزير ماليته إلى الرد على هذه الهجمات والدفاع عن الشركة التي تواجه تحقيقات جنائية ومدنية من قبل الحكومة الأمريكية. طغت مسألة معالجة «بي بي» لأزمة التسرب النفطي على المحادثات الهاتفية التي جرت أخيرا بين أوباما وكاميرون، وناقش الزعيمان هذه الأزمة على خلفية غضب عام وضغوط سياسية بشأن التسرب الذي اجتاح أمريكا وبريطانيا على جانبي المحيط الأطلسي، حيث أدى التسرب إلى إلحاق ضرر بالغ بالسواحل الأمريكية وإلى إغلاق مصايد خصبة للأسماك فضلا عن تراجع أسعار أسهم الشركة. وتمثل هذه المكالمة اختبارا دقيقا للزعيمين اللذين يتعرضان لضغوط كي يظهرا صلابتهما أمام الناخبين في بلديهما. والغريب أن بعض الصحف البريطانية لم تكن راضية عن تدخل كاميرون بهذه السرعة في الأزمة بين الشركة والحكومة الأمريكية، وأعربت عن أملها أن يظل رئيس الوزراء ملتزما بهدوئه وأن يستمر في سياسته التي انتهجها بهذا الشأن. وأشارت «الإندبندنت» إلى أنه يتعين على الحكومة البريطانية ألا تسمح بأن يزج بها في هذا النزاع: «هناك أصوات تطالب بالدفاع عن الشركة علنا في ضوء تزايد حدة النقد من واشنطن. ويرى أصحاب هذه الأصوات أن الشرف البريطاني قد خدش بسبب الهجمات التي تعرضت لها، ويطالبون كاميرون بالرد، علما بأن الناس في المناطق المتضررة من التسرب يحملون الشركة المسؤولية عن التسرب ولا يحملون بريطانيا نفسها هذه المسؤولية». وفي المقابل تلقى أوباما تحذيرات من تداعيات التلوث النفطي التي يمكن أن تكلفه الكثير، خاصة أنه لم يبد أي قدرة على القيادة الحازمة خلال الأسابيع السبعة الأخيرة منذ بدء التلوث، ولم يظهر بوصفه «قائد عملية التنظيف» وأنه اكتفى بتحميل «بي بي» المسؤولية الكاملة عن الكارثة وتركها متورطة في عمليات غير فعالة وسيئة التخطيط لوقف التلوث. ويرى بعض المتابعين أن أوباما تسبب بذلك في أن تظهر حكومته غير قادرة على الإمساك بزمام الأمور. ودعت بعض الأصوات للاعتراف بالفشل الذريع في مواجهة احتواء التلوث النفطي الذي كان ينبغى لأوباما أن يضعه في مقدمة أولويات حكومته في المرحلة الجارية رغم الزيارات المتعددة التي قام بها للولايات الجنوبية المتضررة. وحذر زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ النائب ميتش ماكونيل الرئيس أوباما من محاولة استغلال مشكلة البقعة النفطية لتمرير تشريعه المتعلق بالطاقة والمناخ الذي وصفه بأنه «ضريبة وطنية على الطاقة»، وقال ماكونيل للرئيس: «أغلبية من النواب من جميع الاتجاهات يعارضون مشروع القانون المعروض رغم إصراركم على أن البقعة النفطية تظهر بجلاء ضرورة التخلص من مصادر الطاقة العضوية» .