رغم تقاضي مدرب المنتخب الإنجليزي الأول لكرة القدم فابيو كابيللو راتبا فلكيا يبلغ تسعة ملايين وتسع مئة ألف يورو سنويا «50 مليون ريال تقريبا»، ورضوخ اتحاد اللعبة للواقع وتعاقده مع مدرب إيطالي في ظل التناقض الكبير بمنهجية الكرة الإنجليزية مع نظيرتها الإيطالية، إلا أن المشكلة الأزلية لذلك المنتخب في مركز حراسة المرمى لا تزال قائمة ولم تتغير، ما جعل الشارع الرياضي الإنجليزي يضع تساؤلا عريضا محتواه «كيف نطالب كابيللو بربح كأس العالم، وهو لم ينجح في إصلاح ولو جزء بسيط من كوارث حرّاس المرمى»؟ وخسر المنتخب الإنجليزي أمس الأول، أول نقطتين له خلال مشواره في كأس العالم بعد التعادل مع المنتخب الأمريكي بهدف لمثله، إثر خطأ فادح من حارس مرماه روبرت جرين الذي سمح لكرة ضعيفة من خارج منطقة الجزاء سددها ديمبسي، في دخول مرماه بعد أن سقطت من بين يديه بطريقة غريبة. ويعي الإنجليز جيدا أن بطولات عدة خسروها بسبب معاناتهم من أخطاء حراس المرمى، مثل هدف رونالدينيو الشهير في نهائيات كأس العالم 2002، ودخوله بغرابة في شباك الحارس ديفيد سيمان الذي أفقدهم الحلم باللقب رغم أدائهم المتميز في تلك البطولة. واستدعى كابيللو ثلاثة أسماء في مركز الحراسة رافقته إلى جنوب إفريقيا هي ديفيد جيمس صاحب ال 40 عاما، وجو هارت، بالإضافة إلى روبرت جرين الذي سقط في أول اختبار له، وخسر ثقته في نفسه قبل أن يخسرها من بقية زملائه اللاعبين والجماهير التي وثقت فيه واعتبرته من سينسيها أخطاء الماضي. وشنت الصحف الإنجليزية الصادرة أمس، هجوما لاذعا على جرين وخطأه البدائي، حيث جاء في عنوان صحيفة الصن «مرة أخرى.. الصدمات تتواصل» في إشارة إلى الأخطاء المكلفة التي يقع فيها الحراس الإنجليز. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» خلال تحليلها للمباراة بأن كابيللو أخطأ في وضع جرين حارسا أساسيا، وكان من الواجب عليه البدء بورقة ديفيد جيمس لما يملكه من خبرة واسعة تشفع له بحجز المركز ولو أن مستواه ليس متميزا بالقدر الكافي. وسبق أن وضعت الصحيفة ذاتها استفتاء عن الحارس المناسب للمنتخب، قبل أسابيع وشارك فيه أكثر من 42 ألفا ذهبت غالبية أصواتهم لصالح جيمس الذي حصل على نسبة 44 % مقابل 29 % لصالح روبرت جرين و27 % كانت من نصيب جو هارت. ودعم قائد المنتخب ستيفن جيرارد موقف الحارس جرين مؤكدا أن أخطاء مثل تلك يقع فيها حراس على مستوى عال، وسبق أن شاهد أخطاء مماثلة وقع فيها ايكر كاسياس وجيانليجي بوفون: «الأهم الاستفادة من الأخطاء، ما حدث لم يكن كارثيا حتى يتم التهجم على جرين بتلك الطريقة.. قدم أداء مميزا وأنقذ بعض الكرات الخطرة». واتفق قلب الدفاع جون تيري الذي ذهب منذ انطلاق صافرة النهاية للحارس وقام بممازحته من أجل التخفيف عنه، خصوصا أنه يشعر بالذنب وفداحة الخطأ الذي وقع فيه، مع حديث زميله بعدما ذكر: «جرين حارس جيد بحاجة لبعض الثقة.. يجب أن ندعمه جميعا وألا نقف عائقا أمام تطوره لأنه في الحقيقة أمل الكرة الإنجليزية في هذا المركز». وكان لاعب الوسط فرانك لامبارد طالب كابيللو في وقت سابق بالاعتماد على جيمس في مركز الحراسة؛ لأنه الوحيد الذي يحظى ببعض الثقة من اللاعبين، بيد أن المدرب رفض أن يتم التدخل في عمله، وطالب اللاعبين بالتركيز في اللعب، لأن النصائح بإمكانه تلقيها من قبل مساعديه في الجهاز الفني. وساهمت الفرق الإنجليزية كثيرا في تفشي ظاهرة سوء حراس المرمى، نظرا إلى اعتماد غالبية الفرق على حرّاس أجانب، في مقدمتهم الأربعة الكبار، حيث يحمي عرين تشلسي التشيكي بيتر تشيك، وليفربول الإسباني بيبي رينا، ومانشستر يونايتد الهولندي فان دير سار، وآرسنال مانويل ألمونيا الإسباني المونديال الذي كان قاب قوسين أو أدنى من أخذ الجنسية الإنجليزية، نظرا إلى قدرته في تمثيل منتخب «الأسود الثلاثة» بسبب عدم خوضه أي لقاء مع منتخب بلاده، بالإضافة إلى كارلو كودتشيني الذي طالبت الجماهير بمنحه الجنسية بعد اعتزال ديفيد سيمان مباشرة. وبخلاف جرين وما سببه من إحباط لبقية اللاعبين والجماهير الإنجليزية، لم يسلم المدرب كابيللو من الانتقادات اللاذعة من مختلف الوسائل الإعلامية البريطانية، التي كان لها ما يبرر موقفها، حيث ظهر كابيللو متخبطا منذ البداية بإجرائه تغييرا عند الدقيقة 25 من زمن المباراة بخروج جيمس ميلنر والزج بورقة رايت فيلبس، ومع بداية الحصة الثانية أدخل جيمي كارجير بدلا من ليدلي كينج، ليجبر بعد ذلك على الانتظار حتى الدقيقة 80 لإجراء تغييره الأخير لتخوفه من التبكير في ذلك الأمر، وتعرض أحد لاعبيه للطرد أو الإصابة ويكون حينها قد استنفذ تغييراته كافة. وأوضح المحلل الرياضي في شبكة «بي بي سي» مارك لورينسن المتخصص في توقع نتائج المباريات أيضا أن كابيللو خسر اللقاء قبل بدايته بالطريقة التي لعب فيها، متسائلا عن القصد من وراء عدم اللعب بمحور دفاعي: «وسط إنجلترا افتقد للتنظيم، لا نعلم ما هو المركز الذي لعب فيه جيراراد أو لامبارد». واعتبر لورينسن أن كابيللو يتحمل المستوى السيء الذي ظهر فيه جيمس ميلنر: «لا يمكن لوم لاعب لا يزال في بداية مشواره الكروي على سوء أدائه، بل يجب إلقاء اللوم على المدرب، لأنه اختاره أساسيا لذلك يجب عليه أن يثبت للجميع صحة اختيارة ولكنه لم يفعل.. ميلنر لاعب متميز افتقد للتوظيف المناسب لذلك كان أداؤه سيئا»