بعيدا عن أعين الناس وضجيج المدينة وإزعاجها يختار العم سالم الجبر، 60 عاما، مكانه يوميا في زاوية مطلة على البحر لا يسمع فيها سوى تلاطم أمواج البحر وهدوئه وسكينته، يقضي أكثر من ثلاث ساعات يوميا في صيد الأسماك. وليس لحاجة إلى هذا الصيد بقدر ما هو تذكر لماض جميل: «أحرص على الحضور إلى هذا المكان بشكل يومي تقريبا وأقضي العديد من الساعات بجوار البحر الذي أعتبره صديقا قديما لي كنت أبحر فيه وأقضي العديد من الأيام معه، كما أنني كنت أغوص فيه لاستخراج اللؤلؤ والمحار منه، وأتذكر أنني وجميع أصدقائي في ذلك الزمان كنا في عمر ال 18 عاما برفقة هذا البحر نقضي فيه جل أوقاتنا لا نمل أو نكل أو نيأس، كنا نعمل ليلا ونهارا لصيد الأسماك، فالبحر من نعم الله علينا التي رزقنا بها وما بها من أحياء بحرية داخله جعلت الكثير منا يسترزق منها ويقتات منها لكسب لقمة العيش في ذلك الزمان، وما حضوري هنا كل يوم بسنارتي هذه من أجل الصيد فقط بل لتذكر ذلك الماضي الجميل الذي اندثر مع هذا التقدم والتطور ذلك الزمن واندثرت هذه الهواية لدى جميع الصيادين إما لكبر سنهم أو لعدم وجود الحاجة الماسة للصيد كما في ذلك العصر القديم». ويعتب الجبر على شباب هذا الزمن: «الآن تغيرت الأمور والموازين وأصبح شبابنا لديهم ميول وهوايات غير تلك التي كانت في السابق، فمتغيرات هذا الزمن كثيرة وألعابه التي يلهث وراءها الشباب جرفتهم لنسيان تلك المهنة التي كانت لنا في ذلك الزمن الجميل وظيفة رسمية، فالصيد والغوص يحتاجان إلى صبر طويل وقضاء أوقات كثيرة، ومعظم شبابنا ينقصهم ذلك في هذا العصر ولعل عذرهم بأنهم لا يحتاجون إلى صيد البحر في هذا العصر، فوظائفهم ومدارسهم أولى منه، ولكنه حتما سيعلمهم أشياء كثيرة في حياتهم، وأنا حزين على هذا العزوف منهم، فالصيد أفضل من التسكع في الشوارع وغيرها خاصة أننا على شاطئ الخليج، حتى بات الذهاب للبحر للصيد ماركة باسم «الأجانب» فهم الآن أحرص منا على ذلك حتى أن معظم الصيادين الكبار بدؤوا بإحضار العديد من العمالة الأجنبية وتدريبهم على الصيد». وعن رضاه عن هذه الحال: «لست راضيا بهذه الحال ولكن هناك أمور تغيرت، فالتقدم الذي حصل الآن أشغلنا عن هذه المهنة التي أصبحت هواية يمارسها البعض للتسلية أو الترفيه أو قضاء أوقات الفراغ فقط» .