أصدرت وزارة التربية والتعليم، قبل ستة أشهر على انطلاقة مونديال 2006، تعميما في 6/12/2005، برأت فيه الاختبارات النهائية للعام الدراسي26/1427ه، من مواكبة المونديال الذي أقيم في ألمانيا. لكن مونديال 2010 الذي انطلقت فعالياته الجمعة 11 يونيو الموافق 28 جمادى الآخرة 1431ه، جاء بلا تعاميم، أو مقدمات، على الرغم من أن التقويم الدراسي الذي وضع الاختبارات النهائية في خضم المباريات المونديالية، معتمد قبل ثلاثة أعوام، وتحديدا منذ العام الدراسي 28/1429 ه. وفيما يتوقع أن يتخطى الأمر بعد أربعة أعوام في مونديال 2014، حاجز الاختبارات النهائية، ما لا يتطلب بالضرورة تعميما وزاريا جديدا، في ظل عقد الاختبارات حسب التقويم قبل أسبوعين من بداية المباريات،لا يزال اللغط يدور حول توقيت اختبارات هذا العام، التي تشكل خوفا لدى الكثير من الطلاب وأولياء الأمور، خاصة أن مونديال 2018، هو الآخر لن يعترض مسيرة الاختبارات، حيث يصادف توقيته تاريخ 26/9/1439 ه. فما الذي حدث مع مونديال 2010؟ هل هناك خطأ في الحسابات، أم أن الأمر تم بعيدا عن حسابات جماهيرية المونديال، وأليس كارثة مونديال 2002، كان يجب أن تكون عظة، بعدما تشتت جهود الطلاب، وأصبح تفوق المتفوقين غائبا في حضرة مباريات المونديال، الأمر الذي انعكس على مستقبلهم العلمي، خاصة لطلاب الشهادتين الثانوية والمتوسطة. تبوك، الجبيل، مكةالمكرمة، الرياض. بديعة حسن ومحمد الزهراني وحامد القرشي ومحمد الشويل آمال أولياء الأمور وعدد من التربويين بضرورة مبادرة وزارة التربية والتعليم باتخاذ قرارات مهمة في مثل هذه المواقف، كتقديم الاختبارات كحل طبيعي لمثل هذه الظروف الحالية، ذهبت أدراج الرياح، مع أول صافرة أعلنت انطلاقة المونديال، واستمرار الحال كما هو عليه في رتم الاختبارات النهائية. آمال ضائعة عبدالعزيز المطوع «28 عاما» تجربته الماضية مع بطولة الكأس 2002، مؤسفة: «أثرت فينا البطولة بشكل كبير خلال المرحلة الثانوية، فقلت نسبتي بسبب مشاهدة كأس العالم، حيث حصلت على نسبة 94 %، وهذا ليس طموحي». ويستعيد محمد العنزي «29 عاما» تجربته المماثلة أثناء الاختبارات: «كنا وقتها نشاهد مباريات كأس العالم في 2002، وبجنون كبير، لا سيما أن منتخبنا الوطني كان مشاركا فيها، وهذا ما زاد حماسنا لها كبطولة عالمية، وأعترف أن مستواي ونتائجي انخفضت، خاصة أن بعض مباريات كأس العالم كانت تأتي في أوقات متأخرة من الليل، وكان طبيعيا أن يؤثر ذلك في التركيز أثناء الاختبارات». ضحية التوقيت ويعتقد ياسر الزهراني «28 عاما» أن فارق التوقيت هو السبب المباشر في سهر الليالي خلف المباريات في مونديال كوريا واليابان. ويتذكر طالب الثالث الثانوي في عام 94 خالد المطيري ما حدث له مع اختبارات الثانوية: «كان كأس العالم مسيطرا على أذهاننا، وخاصة مع بداية انتشار الفضائيات التي تسابقت إلى بث المناسبة، وكنا نعاني متابعة المباريات والاختبارات، لكن عدّت على خير». ويشير عبدالله الشمري، طالب السنة التوجيهية عام 94 إلى أنه: «تحولت اجتماعات الطلاب للمذاكرة إلى جلسات لمتابعة كأس العالم، واضطررنا أمام تأزم الموقف إلى اعتماد جدول يريحنا، لكننا نجحنا بأقل من المأمول». متضررون بلا ذنب طالب الصف الثالث الثانوي عبدالله القحطاني يعترف: «أكيد أننا سنتضرر بهذه البطولة، ولا سيما أنها أقيمت وقت الامتحانات النهائية، وسأتابع جميع المباريات الهامة في البطولة، على أن أراجع الدروس قبل المباريات أو بين الشوطين وبعد انتهاء المباريات، فهذه الطريقة المناسبة لنا». ويرى طالب المرحلة النهائية سعد الشهري أن هذا التزامن يمثل مشكلة كبرى للطلاب: «تقديم الاختبارات حل مُرض للجميع، وهنا لا بد أن يكون لوزارة التربية والتعليم دور، فلو أتت جميع نتائج طلابنا ضعيفة فمن المسؤول عنها في مثل هذه الحالات؟». ويرفض زميله في الصف الثالث الثانوي نايف أحمد لوم الطلاب على مشاهدة بطولة كأس العالم: «ننتظرها منذ أربعة أعوام، وكان من الأولى تقديم الاختبارات، لأن الكل يعلم أن اهتمامات الطلاب بالرياضة مرتفعة، ومن ثم غابت الحلول عن هذه الأزمة الخانقة، ونتمنى أن نخرج منها بأقل الخسائر». معدل منخفض ياسر قشلان، طالب الثانوية، يعيش حسب وصفه بين نارين: «بين مشاهدة مباريات كأس العالم، ورفع المعدل التراكمي الذي يؤهلني لدخول الجامعة، وأعتقد أنني سأواظب على مشاهدة المونديال وفق جدول دقيق لا يحرمني من المذاكرة». ويبين راكان محمد، وتراحيب فهد، أن المونديال كتب الفشل على مستقبل الكثير من الطلاب: «متابعة كأس العالم ستؤثر سلبا في مستوياتنا العامة، وإخفاء التليفزيون عن الأعين للمذاكرة ليس حلا، ولكن الطالب الذي يدرك مصلحة نفسه سيوازن بين المشاهدة والمذاكرة، خاصة المباريات المهمة». ويعترف عائض العتيبي، طالب في الثالث الثانوي، أنه لم يستطع تحديد جدول مناسب لمشاهدة مباريات كأس العالم: «المونديال حديث الطلاب في المدرسة، ولا نعلم هل سنقضي الوقت لمشاهدة هذا الحدث العالمي الذي لا يتكرر إلا مرة كل أربعة أعوام، أم نحرص على مستقبلنا؟». ويصف طالب الثالث الثانوي، فيصل مبارك، مزامنة مباريات كأس العالم مع الاختبارات النهائية بالمعاناة: «إن كانت هناك مباراتان لفريقين أشجعهما في يوم واحد، فإن ذلك سيستهلك من وقتي أكثر من أربع ساعات، والتفكير بتسجيل المباريات قد لا يكون حلا نهائيا، لكنه مؤقت». قلق البنات وتعتبر الطالبة بالصف الثالث الثانوي منى حسين، أنها مرحلة فاصلة تحدد حياة الطالبة: «من الغريب أن نسمع تشجيع الفتيات لبعض المنتخبات، وحرصهن على مشاهدة مبارياته، بعيدا عن الاهتمام بالدراسة». لكن طالبة الثالث الثانوي لطيفة محمد، تشجع منتخب إيطاليا، وخصصت وقتا لمشاهدة مبارياته: «لا مانع من مشاهدة المباريات للفريق المفضل، لو انتهينا من مراجعة المادة التعليمية». سليمة. ع، طالبة السنة الثانية في قسم هندسة الحاسب، تعشق كرة القدم، خاصة البرازيلية، الأمر الذي شوش على دراستها واستعداداتها الدراسية، بسبب الإرباك الذي أصابها، خوفا من عدم متابعة المباريات: «لولا الخجل من الأهل كفتاة، والتخوف من المصير المجهول، في حال عدم حصولي على معدل مرتفع، سأفضل المباريات على الامتحانات، نظرا إلى شغفي وتعلقي الشديد بحضور جميع مباريات كرة القدم، وتزامن هذين الحدثين سيوجد إرباكات وقلقا لدى الطالبات والطلاب على السواء وسيتمرد العديد منا حتما على التهديدات والقلق، بتشتيت التركيز ما بين المتابعة والمذاكرة». لا للانعزال وتنتظر سميرة. م، طالبة الثالث الثانوي مطور، المباريات بفارغ الصبر: «أتشوق كثيرا لمتابعة مثل هذه المباريات، لأنني من عشاق الفرق العالمية، حيث كنت من أنصار فريق برشلونة الإسباني، وهذا زرع في نفسي حب متابعة كرة القدم، والآن كل تفكيري في كيفية متابعتها وحضورها خلال فترة الامتحانات، وليس أمامي سوى حلين، إما الانعزال التام وإخراج التليفزيون من المنزل، وهذا سيكون صعبا في ظل وجود ستة من الإخوة شغوفين بالمباريات، ما سيوجد إشكالية كبيرة لهم، أو زيادة التركيز في القراءة مع حضور المباراة التي قد تستغرق ساعتين أو أكثر». ضربة موجعة المشرف التربوي صالح الشمراني، اعتبر التوقيت ضربة موجعة لنتائج الاختبارات: «سيكون لها تأثير قوي، وهذا شيء طبيعي لأن الرياضة أصبحت الآن من أولويات شبابنا وطلابنا، وصار لديهم ميول كبيرة لها، وأتوقع ان تكون نتائج طلابنا متدنية ونسبهم ضعيفة بسبب هذا التوقيت المواكب لاختبارات طلابنا وشبابنا، والسؤال المهم: لماذا لم نقدم اختباراتنا لعشرة أيام قبل انطلاقة كأس العالم؟ ولماذا لا نعلن علنا أن تقديم الاختبارات بسبب تعارضها مع بطولة كأس العالم؟ حفاظا على تركيز طلابنا في الاختبارات» ويستغرب المشرف التربوي في مدرسة ثانوية تركي الغنام، من عدم مراعاة المونديال: «طلابنا أيام الاختبارات يحضرون لنا وقد واصلوا السهر، فما بالنا الآن ببطولة كأس العالم أثناء الاختبارات؟ وأتوقع أن يحضر ثلاثة أرباعهم نعسانين، وكان من الأولى تقديم الاختبارات، وكان هناك الوقت الكافي لذلك، خاصة أن جدول وتوقيت كأس العالم معروف منذ ثلاثة أعوام أو أكثر». الضغوط خطيرة وحذر المرشد الطلابي سامر آل عامر، من مغبة عدم التنسيق بين المذاكرة ومتابعة المونديال: «الحرمان وإعلان حالة الطوارئ في البيت للامتحانات النهائية، خلال كأس العالم، قد يكون له ردة فعل كبيرة على الطلاب، في إطار ما يعرف بكبت رغباتهم، وإن اجتمع الحرمان الكامل من المباريات وعبء الامتحانات معا، فإن الطالب سيدفع ثمن الضغوط من جهازه العصبي وتتأثر دراسته سلبا». ويحمل المرشد الطلابي عبدالله العتيبي أولياء الأمور العبء الأكبر في توازن الأمور: «الآباء يقع على عاتقهم عبء كبير في متابعة أبنائهم لضمان الموازنة بين مشاهدة المباريات والاستذكار للاختبار، لكن كان يتعين على الوزارة تقديم الاختبارات، ولو لأسبوع واحد فقط، ليتمكن الطلاب من اجتياز أكبر عدد ممكن من المواد قبل انطلاقة البطولة» .