لم يختلف كثيرا مشهد عزاء شيخ صاغة الحرم المكي أحمد بن إبراهيم صانع ومصمم الباب الحالي للكعبة المكرمة الذي اختتم امس الثلاثاء 10-11-2009 عن جنازته التي شارك فيها الآلاف من أهالي مكةالمكرمة وزوار بيت الله الحرام. فعلى مدار الأيام الثلاثة الماضية توافد الآلاف يتقدمهم أعيان مكة والطائف وجدة على شارع "عبد الله عريف" المشهور ب"الستين" في مكةالمكرمة، وذلك لتقديم واجب العزاء لأسرة الشيخ ابن إبراهيم، الذي صمم أيضا ميزاب الكعبة (الجزء المثبت على سطح الكعبة في الجهة الشمالية) وإطار الحجر الأسود. وينحدر ابن إبراهيم الذي وافته المنية الأحد 8-11-2009 عن 89 عاما من عائلة "بدر" التي تشرفت برئاسة صاغة الحرم منذ عام 1943 بعد أن كلفهم الملك عبد العزيز آل سعود بصناعة باب للكعبة من الفضة المطلي بالذهب، والذي بقي حتى أمر الملك خالد بن عبد العزيز باستبدال آخر من الذهب الخالص به. شيخ الصاغة وولد أحمد بن إبراهيم المعروف بشيخ الصاغة في مكةالمكرمة عام 1920 وأكمل تعليمه الابتدائي فيها، وعندما بلغ 15 عاما التحق بالعمل مع والده في صناعة الذهب والفضة. وظل الشيخ ابن إبراهيم يواصل عمله في الدكان الذي ورثه عن أبيه في شارع الصاغة الشهير بمكة حتى أزيل الشارع بأكمله ضمن التوسعة الجديدة للحرم قبل نحو 20 عاما. وفي العام 1978 كلف الملك خالد بن عبد العزيز الشيخ ابن إبراهيم بصناعة باب للكعبة من الذهب الخالص، وذلك لأول مرة في تاريخ أبواب الكعبة السابقة والتي كانت تطلى بالذهب فقط دون أن يكون الذهب عنصرا خالصا فيها. تحفة فنية ويعد باب الكعبة المشرفة تحفة فنية مغطاة بالنقوش والزخارف الإسلامية والخطوط الثلاثية الجميلة، وهو مصنوع من 300 كجم من الذهب الخالص عيار 24 بتكلفة تقدر ب13 مليون ريال سعودي (3.5 ملايين دولار)، ويبلغ ارتفاعه ثلاثة أمتار، وعرضه مترين، وعمقه نصف متر. واستغرقت صناعة الباب المكون من وجهين داخلي وخارجي عاما كاملا، ويفصل بين الوجهين طبقة من الخشب الخاص الذي يحتمل الحرارة والأمطار، بسمك عشرة سنتيمترات، ولهذا الباب قفل خاص ومفتاح محفوظ لدى سادن بيت الله الحرام من آل شيبة "الشيبي". ونحت على الوجه الخارجي آيات قرآنية والشهادتان وعبارة (يا حي يا قيّوم) ولفظ الله جل جلاله ومحمد صلى الله عليه وسلم، وعلى الوجه الداخلي الذي يسمى "باب التوبة" نفس نقوش الوجه الخارجي. أما ميزاب الكعبة فقدرت كمية الذهب المستخدمة فيه ب(25) كجم وكتب عليه تاريخ الصنع وكذلك عبارة (يا حي يا قيّوم)، بينما صنع إطار الحجر الأسود من الفضة الخالصة وليس عليه أي كتابات. مرتان في العام ويفتح الباب مرتين في العام، وذلك لغسل الكعبة من الداخل، الأولى في شهر شعبان، والثانية في شهر ذي الحجة الذي يشهد أيضا تغيير كسوة الكعبة، وذلك جريا على العادة السنوية التي انتهجتها السعودية منذ عهد الملك عبد العزيز آل سعود. وفي شعبان الماضي جرى لأول مرة نقل مباشر لمراسم غسل الكعبة من الداخل على موقع الرئاسة العامة لشئون الحرمين الشريفين بالسعودية وهو ما أتاح مشاهدة ملامح الكعبة الداخلية. وتعيد جنازة الشيخ أحمد بن إبراهيم التي شيعت الأحد الماضي وسط توافد كثيف من أهالي وأعيان مكةالمكرمة، للأذهان صلاة الغائب على المهندس المصري محمد كمال إسماعيل -مصمم توسعة الحرمين الشريفين- في أغسطس من العام 2008؛ حيث شهدت هي الأخرى حضورا كثيفا من الأعيان وأهالي مكة والمدينة المنورة.