بعد صعود لمدة ستة أسابيع متوالية, قررت سوق الأسهم السعودية التخفيف من عبء مؤشراتها الفنية المرهقة جراء هذه الارتفاعات, حيث سجلت تراجعا بنسبة 1.1 بالمائة على مدى تداولاتها الأسبوعية المقارنة, والمعلوم انه كلما خفت الأخبار الجوهرية من داخل السوق فانها تبدأ الاستجابة لتأثير متغيرات أخرى خارجة عنه بشكل أكبر من السابق مثل حركة الأسواق العالمية أو التقارير المتعلقة بالاقتصاد الدولي التي جاء أهمها هذا الأسبوع من صوب بيانات نمو الاقتصاد الأمريكي المتفائل, لكنها على الصعيد الداخلي لا تتردد أيضا في أن تتأثر بالسلب مع عودة ما يرجح انه حس مضاربي غير منضبط. وقد شهدنا ذلك في شركة الباحة والغذائية وشركة أنعام بعد إعلان هيئة السوق المالية إعادة السهم إلى نظام التداول الآلي المستمر. المضاربات وتراجع المؤشر الذي يرصد حركة السوق السعودي التاريخية يعرف انه يبدأ بالتراجع على مستوى المؤشر العام مع حدوث أي حركة مضاربية, وهذا ما شاهدناه يتكرر خلال تداولات الأسبوع الماضي بعد إعادة سهم أنعام إلى التداول الآلي المستمر. ولا شك في أن هذا على الأغلب يحرج مجالس إدارات هذه الشركات كثيرا، إذ تعكس صورة غير أخلاقية عن سلوك مستثمري شركاتهم على الرغم من أنهم يبذلون كمجلس إدارة جهودا سخية لمعالجة أوضاعها والتعاطي مع ظروفها المالية التي قد تكون صعيبة جدا. كما أن الربط بين عودة أنعام وارتفاع الشركات التي تسمى أغلبها شعبيا «بالخشاش» ليس له ما يثبته اقتصاديا أو ماليا أو استراتيجيا سوى أن بعض المضاربين يتوهم أن المستثمرين العاديين مازالوا عند نفس مستوى الوعي المنخفض السابق وهو الأمر الذي سيكتشفون بطلانه بعد أن يجدوا أنفسهم غير قادرين على «تصريف» ما لديهم من كميات, وعندما تجد المؤشر العام ينخفض بينما هذه الشركات ترتفع بالنسبة القصوى فلتعلم عزيزي القارئ ما سبب ذلك الآن؟ الجدير بالذكر أن إدارة أنعام القابضة بذلت جهدا كبيرا في معالجة أوضاع الشركة، إلا أن التذكير واجب من أنها حققت خسائر قدرها 1.2 مليون ريال ( 0.11 ريال للسهم ) بنهاية الأشهر التسعة الأولى من عام 2009. كما أن شركة الغذائية تعتبر من الشركات الرابحة إلا أن أرباحها قد تراجعت بنسبة 58 بالمائة خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2009 وتتداول الآن عند مكرر أرباح 38 مضاعفا. أما شركة الباحة فلم يعد يخفى على احد قصص تعثر مشاريعها, وأمام هذا الانفلات المضاربي يرتفع حجم استحقاقات مجالس إدارات هذه الشركات تجاه سلامة السوق أيضا. أعتقد أن التصرف الأمثل الذي أمامهم الآن هو التفاهم من خلال هيئة السوق من أجل إخراج إعلانات توضيحية تصاغ بطريقة محترفة يوضحون فيها ملابسات هذا الصعود ويقطعون بذلك الطريق على المضاربين فيعززون جدارة احترافيتهم ومهنيتهم التي ستكون بلاشك مربحة لهم وللثقة في شركاتهم على المستوى طويل الأجل. موجودات مؤسسة النقد بعد ان أظهرت البنوك السعودية نتائج ايجابية خلال الأشهر التسعة الماضية عكست من خلالها ضآلة تأثر القطاع المصرفي السعودي بمشاكل التعثر الائتمانية بالمقارنة مع دول العالم القريبة والبعيدة منها. فقد أكدت البيانات الشهرية التي تصدرها مؤسسة النقد السعودي عمق الأمان في خصوص المقدرات الوطنية في الخارج بما لذلك من دعامة اقتصادية وائتمانية كبيرة لشتى النواحي الاقتصادية في السعودية. وقد انخفضت موجودات المؤسسة بحوالي 9 مليارات ريال فقط خلال شهر سبتمبر 2009 لتصل إلى 1485 مليار ريال مقارنة بشهر أغسطس الماضي وهذا يعكس التباطؤ في التراجع الذي بدا واضحا من خلال بيانات الشهرين الماضيين. الجودة في تخصيص الأصول بشكل آمن ووجود محافظ هو سبب وجود هذه الموجودات الضخمة. كما أن بقاء أسعار النفط عند مستوياتها الحالية يتوقع له أن يجعلنا نشاهد عودة لارتفاع قيمة هذه الموجودات من جديد خلال الشهرين المتبقيين من هذا العام أو احدها على الأقل, يدعم ذلك أن موجودات المؤسسة سجلت خلال شهر أغسطس قبل الماضي ارتفاعاً بحوالي مليار ريال. النفط والاقتصاد الدولي دعمت أسعار النفط تقارير نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي خلال الربع الثالث بمعدل سنوي بلغ 3.5 بالمائة «وهي أسرع وتيرة نمو منذ الربع الثالث من عام 2007 بعد أن انكمش 0.7 بالمائة خلال الفترة بين ابريل ويونيو » الأمر الذي حرك الآمال بتحسن الطلب على النفط. وكانت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية يوم الخميس قد ذكرت أن احتياطيات النفط للولايات المتحدة تراجعت 10.3 بالمائة العام الماضي لتصل إلى 19.1 مليار برميل. من جهة أخرى اصدر صندوق النقد الدولي تقريرا عن الاقتصاد العالمي، حيث يتوقع أن ينمو بنسبة 3.1 بالمائة في عام 2010. ولا شك في أن ذلك كله يعزز التفاؤل في خصوص نمو الطلب العالمي على النفط, ووفقا لهذه البيانات مجتمعة فربما رأينا النفط يتحرك في مسار جانبي ايجابي لهذا الأسبوع ينحصر بين 75 و 85 دولارا للبرميل. المؤشر العام من الواضح انه وبعد الانتهاء من إعلان نتائج الربع الثالث فان المحفزات من داخل سوق الأسهم السعودية بدأت تقل. كما أن جني الأرباح يأتي عادة نتيجة لرغبة قوى السوق المختلفة في تعديل أو تطوير مراكزها الاستثمارية عند مستويات سعرية اقل، لكن تبقى الايجابيات المتجددة المرتبطة بالاقتصاد السعودي خصوصا مع تزايد أسعار النفط عامل دعم للمؤشر. كما أن الأخبار الجيدة على صعيد الاقتصاد الدولي عامل دعم ايجابي أيضا. وكما يظهر على الرسم البياني الأسبوعي المرفق فان التقاطعات الفنية ايجابية لكننا على المستوى اليومي قد نشهد خلال هذا الأسبوع استمرار جني الأرباح بشكل متوازن وصحي وربما باتجاه مستويات 6300 نقطة. كما لا نغفل بقاء احتمال سقف تحرك المؤشر عند 6600 نقطة، مع افتراض بقاء جميع العوامل الأخرى ثابتة.