أبدو قريباً من اليقين أن مباراة القمة بين الاتحاد المتصدر ووصيفه الهلال في ليلة القبض على لقب الدوري ستكون مخنوقة الأنفاس.. إذ لا مجال فيها للمغامرات غير المحسوبة، ولا فسحة أمام اجتهاد بأداء مفتوح في ظل ضغط الحسابات وإرهاقها، حتى مع تباين الاحتمالات لتتويج هذا أو إعلان ذاك بطلاً. في مباراة الحسابات، الحابسة للأنفاس، سيكون للتكتيك والانضباط الكلمة الأعلى، وخلف هذين العاملين ستصطف بقية المعطيات المتعلقة بالتهيئة النفسية والذهنية، والمرتبطة بالكفاءة واللياقة البدنية، والممتدة حدود نجاح هذا الفريق أو ذاك بتنفيذ المتطلبات الفنية اللازمة للحسم. وفي وقت نجتهد فيه جميعاً في قراءة المقدمات، فنقول إن خبرة الدعيع تفوق مبروك، ونتحدث عن كفاءة رقمية لدفاع الهلال أمام تقدم جلي في الرصيد الهجومي التهديفي للاتحاد، تبدو المباراة بعيدة عن هذه الحسابات، فعلى إستاد الملك فهد الدولي ستكون الدقائق التسعين المحكومة بصافرة اليوناني ميكاليس كاكولاكيس هي الفاصلة، وسيكون القدر اللازم من الجهد والعرق وقبلهما التركيز هو الفاصل وهو القاضي بفك الارتباط لمصلحة هذا الطرف أو ذاك، إذ إن الواقع العملي وحسابات الصراع الميداني ستنسف حتماً كل الأقاويل السابقة، وكل التكهنات النظرية التي نطلقها كمتابعين ونحن مرتاحون غارقون في مقاعدنا، فيما يقررها على أرض الواقع الرجال الذين سيحرثون عشب الملعب جيئة وذهاباً جرياً خلف الحصاد الأهم. شخصياً أرى أن كلا الفريقين يستحق البطولة، وإن بدا الاتحاد أقرب لها بفارق خطوة، فكلاهما تمسك بالرغبة، وتسلح بالطموح، وعمل على مدى إحدى وعشرين جولة على التشبث بالقمة، وفارق النقطتين بينهما يؤكد ضراوة المنافسة، وفارق ال13 نقطة بين أقلهما رصيداً ومطارده المباشر في سلم الترتيب يشير حتماً إلى أن هذين القطبين باتا في طابق، والآخرون يأتون بعدهما بمسافة. وفي كلا الفريقين أوراق حاسمة، ففريق مدجج بنور والهزازي ومبروك وكريري وبوشروان وحديد ينتزع حتماً كل التقدير، ومجموعة تضم الدعيع والمرشدي وهوساوي والتايب وويلهامسون تفرض الاحترام، وما بين هذه الكوكبة وتلك سنكون على موعد مع ليلة قد تكون وردية في جدة حالكة السواد في الرياض، أو قمراء في العاصمة ظلماء في عروس البحر الأحمر، وبين هذه وتلك يبقى أن ندعو ألا يقلب الأنصار أفراحنا إلى أتراح بضجيج الإزعاج، وضوضاء المبالغة بالاحتفال، فيقطعوا على الناس طرقاتهم، ويتفننوا في الخروج عن اللائق من الآداب العامة، ويتمردوا على أنظمة السير، ويضطرونا في المحصلة للقول.. يا ساتر ليت كرة القدم بلا فائز ولا خاسر.