صحوت في الصباح وأنت في أمان الله وفي طريقك إلى عملك وفجأة صادفتك على الطريق امرأة تلوح لك بالوقوف وهي تستغيث وتستنجد وأنت أخذتك الشهامة واستجبت لطلبها ، وقالت لك أرجوك يا أبن الحلال خذني لأقرب مستشفى لأنني أشعر بآلام الولادة وليس لي أحد في هذا المكان والوقت لكي يوصلني وتعاطفت معها وأخذتك الشهامة والمرؤة وأوصلتها لأقرب مستشفى وأدخلتها إلى الطوارئ ، وطبعا لم تكن تعرف ما هو الدافع وراء شهامتك ومن باب الفضول أحببت أن تنتظر لكي تطمئن عن حالتها قبل أن تذهب وتتركها ، وفجأة وبعد مرور الوقت جاءت الممرضة تخبرك وتقول لك مبروك جالك ولد والأم صحتها جيدة وكانت الولادة طبيعية.. حبست أنفاسك لحظات لينزل الخبر عليك كالصاعقة وبدأ الارتباك عليك وقد تجمعت التجاعيد الدقيقة على جبهتك وارتسمت في ذهنك كل الأسئلة التي لم تتوقعها. وأحسست بالندم لشهامتك وتحاول إفهامهم انه يوجد لبس في الموضوع وقلت لهم بصوت أجش مهتز أن هذه ليست زوجتك بل انك كنت فاعل خير وقمت بنقلها إلى المستشفى حينما طلبت منك المساعدة محاولا مساعدتها وإنقاذها.. وطلبوا منك بلهجة جافة البطاقات الثبوتية لكي يتم إثبات الحالة ولكي يتم تسمية المولود باسمك وقالوا لك أكيد انك قد اخترت الاسم مسبقا ويتربى في عزك إن شاء الله ، ولا تتضايق يمكن كنت تتمنى المولود بنت لكن كان ولد واهم شيء انك تتحمد الله على سلامة زوجتك.. وزاد قلقك وتوترك وبدأ الأسى على ملامحك والأدهى من ذلك عندما تعود الممرضة بعد دقائق وأنت في نقاش مع الطبيب وقد اكتسى صوتها بالترقب وهي تقول يادكتور المرأة التي تم توليدها قبل فترة هربت من المستشفى تاركه مولودها. وبدأ قلبك يغوص في قدميك وبدأت قواك تخور وأحسست بأنهم يقودونك إلى قسم الشرطة من هول المصيبة التي حطت عليك مع هذا الصباح ولحظتها تجد قديمك لاتساعدك على حملك ولا تستطيع أن تطلق ساقيك للريح وجابت عينيك وجوه الجميع بحثا عنها وبدأ المكان يعج بالمسئولين والأطباء والممرضات وبدأو ينظرون إليك في فضول واهتمام وأنت ظللت متجمدا في مكانك في حيرة من أمرك وأخذت تحدق في المكان والقلق ينهشك ، ولكي لاتتأخر على عملك التقطت أنفاسك لتتصل بمديرك وتخبره بأنك قد رزقت بمولود مع الصباح فجأة وأنت تحاول أن تطمئن نفسك القلقة وتستعيد هدؤوك قليلا. فكيف تتصرف في هذه الحالة وأنت تشعر بأنك قد رحت في أبو نكله وخبر كانا كما يقولون ولا تدري كيف تخرج من هذه الورطة. فهذه نتيجة الطيبة الزائدة والتي تصل أحيانا إلى حد السذاجة العمياء في بعض الحالات والتي تؤدي في النهاية إلى كارثة حقيقية ليس لك ذنب فيها فمثل هذه المواقف التي قد تعرض لها الكثيرون وهم في الحقيقة أبرياء من ذلك نتيجة ممارسات بعض الفتيات والنساء غير الشرعية انقادت الواحدة منهن لرغباتها والتي تؤدي إلى الحمل سفاحا من بعض الأفراد اللامبالين بأعراض الناس في لحظة غرام وانسجام طائشة وأيضا من باب التغرير ببعض الفتيات والتأثير على عواطفهن والوقوع في الخطأ و المحضور وذلك نتيجة التفكك الأسري والفقر لبعض الفتيات والترف والبذخ لبعض الشباب وفي النهاية تجد نفسها مسحوقة كسيرة الفؤاد أمام الواقع وفي مأزق كبير لاتعرف كيف تخرج منه ولا تجد طريقة أمامها سوى التخلص من ذلك الحمل الثقيل أما بالإجهاض لمن كانت تستطيع توفير مبالغ كبيرة أو بالوضع الطبيعي لمن لاتملك المال أن تقوم بوضعه في كرتون أو لفافة كيس من البلاستيك ووضعه بجوار احد صناديق القمامة أو أمام باب احد المساجد ونظراتها تنزلق إليه تملؤها المرارة والمعاناة لكي يتم إيداعه خلف أسوار الملجأ وكل ذلك ما هو إلا طيف نزوة مؤقتة وهذه حكايات حقيقية وكلكم قد سمعتم عنها وليست من الخيال أو افلام هندية وفي النهاية يكون الضحية ذلك المولود الذي جاء إلى الدنيا من حيث لايعلم وكتب له أن يعيش يتيما طوال حياته وفي مأساة من الحرمان والمعاناة والهموم والطموحات التي تصطدم مع الواقع المجهول ويبقى ابن غير شرعي يعرف (باللقيط) وكم يتمنى أن انه لم يخلق ولم يرى النور وهو يعيش بين الأطفال بدون أب أو أم لا ذنب له هذه في النهاية هي مأساة (اللقطاء) في المجتمع ، والذين يتوارون في ملاجئ دور الأيتام وهم الأبناء الغير شرعيين نتيجة الحمل سفاحا والذين عندما يكبرون يكونون ناقمين على المجتمع من النسب المجهول ومن حالة الذل والقهر والضيم التي يعيشونها ومن نظرات الناس لهم المليئة بالاحتقار والازدراء وينتج عن ذلك الشذوذ الجنسي والانحراف وتفشي المخدرات والايدز فمن يحتوي هذه الفئة لكي تتجاوز العقد في مستقبلهم فقد أثبتت الدراسات أن اللقطاء الذين ترعاهم الأسر البديلة يعانون من النقص العاطفي. وفي النهاية نقول لبعض الفتيات والنساء أن يتقين الله في أنفسهن وشرفهن وان لايستسلمن لشهوة الجسد والنزوات العابرة وتقودهن الشهوات الفاسدة والزائفة الزائلة في النهاية إلى الهلاك وان لا يصدقن أكاذيب وألاعيب وحيل الحمير الوحشية حتى لا يبكين على اللبن المسكوب.. النبض : البر يبقى وتعبه يزول. والشهوة تزول وعارها يبقى. ------------ كاتب صحفي للتواصل [email protected]